معركة زوارة البحرية

حدث في مثل هذا اليوم 19 يناير 1943، وقعت معركة زوارة البحرية قبالة سواحل زوارة في منطقة سيدي سعيد، حيث شهدت تلك الليلة أحداثًا مأساوية خلال الحرب العالمية الثانية. دارت المعركة بين القوات الإيطالية المنسحبة بحرًا من طرابلس بعد تراجعها أمام تقدم قوات الحلفاء، حيث اعترضتها المدمرات البريطانية التي كانت ترابط بالقرب من الساحل الليبي.

تعرضت القافلة البحرية الإيطالية لهجوم عنيف، أدى إلى تدمير السفن بالكامل ومقتل حوالي 180 جنديًا إيطاليًا، إضافة إلى المئات من الهاربين المدنيين والعسكريين الذين كانوا على متن السفن المنسحبة. استمرت المواجهة حتى صباح اليوم التالي، حيث تمكن بعض الناجين من الوصول إلى شواطئ سيدي سعيد، ومن هناك توجهوا نحو الحامية الإيطالية في زوارة مارينا.

امتلأ الشاطئ بجثث القتلى في مشهد مروع لا يزال كبار السن في المنطقة يروونه حتى اليوم، حيث يتذكرون العدد الكبير من الجثث التي كانت متناثرة على الساحل صبيحة ذلك اليوم. والمفارقة أن منطقة سيدي سعيد نفسها شهدت قبل هذا الحدث بأربعين عامًا نزول القوات الإيطالية الأولى خلال احتلال زوارة عام 1912، ما جعل هذا الساحل شاهدًا على بداية ونهاية الحقبة الاستعمارية الإيطالية في ليبيا.

عيد فالنتاين رسميًا في التقويم الكاثوليكي

حدث في مثل هذا اليوم، 14 فبراير سنة 496 ميلادية، أن أقر بابا الفاتيكان الأمازيغي أغيلاس الأول عيد فالنتاين رسميًا في التقويم الكاثوليكي، ليصبح لاحقًا من أشهر الأعياد العالمية.
كان أغيلاس الأول (أو جيلاسيوس الأول) من أصل أمازيغي، وبرز في الكنيسة الكاثوليكية بفضل دوره الكبير في ترسيخ العقيدة المسيحية خلال فترة من الاضطرابات الدينية والسياسية داخل الإمبراطورية الرومانية. تولى البابوية عام 492م، في وقت كان يشهد صراعًا محتدمًا بين روما والكنيسة الشرقية البيزنطية.
من أبرز قراراته التي غيرت مسار التاريخ، إقراره رسميًا لعيد فالنتاين في 14 فبراير 496م، تكريمًا للقديس فالنتاين، الذي يُعتقد أنه استشهد بسبب دعمه للزواج المسيحي في مواجهة القوانين الرومانية الصارمة. ومع مرور الزمن، أصبح هذا العيد رمزًا عالميًا للحب والوفاء، تحتفل به مختلف الشعوب والأديان حول العالم، وليس فقط الكاثوليك.
رغم تأثير أغيلاس الأول الكبير على التاريخ الديني والثقافي، إلا أن اسمه نادرًا ما يُذكر، خصوصًا في المناهج التعليمية المسيطر عليها من الفكر القومي العروبي، حيث يتم تهميش الشخصيات الأمازيغية حتى لو كان لها دور عالمي مؤثر.
في المقابل، نجد اهتمامًا مبالغًا فيه بشخصيات من الجاهلية العربية، مثل عنترة بن شداد والزير سالم، رغم أنهما لم يساهما بشيء في تاريخ العلوم أو الفكر أو الدين، بينما يُغفل ذكر شخصيات مثل البابا الأمازيغي أغيلاس الأول، الذي كان من بين أوائل المؤمنين بالله في شمال إفريقيا قبل الإسلام، والذين ساهموا في بناء الفكر الديني العالمي.
يبقى أغيلاس الأول واحدًا من أكثر الشخصيات الأمازيغية تأثيرًا في التاريخ الكنسي، حيث لم يكن فقط من أوائل من رسخوا عقيدة الكاثوليكية في مواجهة الانشقاقات، لكنه كان أيضًا من المؤثرين في الثقافة المسيحية والاحتفالات الدينية. واليوم، رغم مرور أكثر من 1500 عام، لا يزال العالم يحتفل بقرار اتخذه هذا البابا الأمازيغي، في واحد من أكثر الأعياد انتشارًا عالميًا.

اليوم العالمي للقراءة

يحدث في مثل هذا اليوم من كل عام اليوم العالمي للقراءة: احتفاء بالكلمة والمعرفة

يحتفل العالم باليوم العالمي للقراءة، وهو فرصة للتأكيد على أهمية الكتاب في تطوير الفكر، نشر المعرفة، وتعزيز الحوار بين الثقافات. القراءة ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل هي وسيلة للوعي والتقدم وبناء المجتمعات.

في هذا السياق، من الضروري تسليط الضوء على الكتاب الأمازيغي، الذي شهد تطورًا كبيرًا عبر العقود الماضية، رغم كل التحديات. من المخطوطات القديمة إلى الكتب الحديثة، ومن النصوص الشفوية إلى الدراسات الأكاديمية، استمرت اللغة والثقافة الأمازيغية في التوثيق والتجدد.

الكتاب الأمازيغي متاح اليوم بأشكال متعددة، سواء في المكتبات الورقية أو عبر الوسائط الرقمية، لكن يبقى بحاجة إلى المزيد من الدعم من خلال الترجمة، النشر، والتوزيع الواسع، حتى يصل إلى جميع القراء في مختلف بقاع العالم.

يمكن الاحتفال بهذا اليوم بعدة طرق، منها:

  • قراءة كتاب أمازيغي أو عن الثقافة الأمازيغية.
  • مشاركة مقتطفات أو أفكار من كتب مميزة.
  • دعم المكتبات والمبادرات التي تعنى بالنشر الأمازيغي.
  • تشجيع الأجيال الجديدة على الاهتمام بالقراءة، خصوصًا بلغتهم وهويتهم الثقافية.

لتكن القراءة جزءًا من حياتنا اليومية، ولنواصل العمل على نشر المعرفة الأمازيغية، حفاظًا على تراث غني ومتجدد عبر الزمن.

وفاة المناضل والمجاهد الأمازيغي شعبان القبايلي

حدث في مثل هذا اليوم 5 يناير 2018 وفاة المناضل والمجاهد الأمازيغي شعبان القبايلي في الدفاع عن زوارة أمن بحق الامازيغي في الدفاع عن أرضهم وترك أهله في منطقة الجزائر ووالتحق بالمجاهدين الامازيغ المرابطين علي الحدود الادارية لمدينة زوارة.

صدر العدد الأول من مجلة بعنوان آمنس إهجاوجوين

حدث في مثل هذا اليوم، 30 ديسمبر 1991، صدر العدد الأول من مجلة بعنوان “آمنس إهجاوجوين”، والتي تعني “الجمل المتلعثم”. كانت هذه المجلة مبادرة ثقافية جريئة من الشاعر والفنان الأمازيغي الليبي هواد بالتعاون مع فريق من الباحثين من ئموهاغ، بهدف إحياء اللغة والثقافة الأمازيغية الجنوبية.

كتبت المجلة بحروف تيفيناغ، مع تحديثات صممها هواد شخصيًا، مما أتاح استخدامها لأول مرة عبر الكمبيوتر في عالم كلتامزغنا. لم تكن المجلة مجرد محاولة أدبية بل صرخة ثقافية وفكرية للتعبير عن صمت الطوارق والنهوض في مواجهة التهميش والهيمنة الثقافية.

وُلد هواد في عام 1950 في صحراء ليبيا، وهو شاعر وفنان استثنائي يعبر عن جوهر أماشاغ بصدق وشجاعة. يعكس مفهوم “الجمل المتلعثم” التشويه الذي تعرضت له اللغة والثقافة الأمازيغية الجنوبية نتيجة للهيمنة والاغتراب. ولكن من خلال هذا “التلعثم”، حول هواد صوته إلى أداة نضال، تدعو لاستعادة الهوية الثقافية الأمازيغية والتصدي للصمت المفروض.

جسد العدد الأول من المجلة فكرة “الجمل المتلعثم” كرمز لمعاناة الطوارق، الذين يتأرجحون بين إرثهم الثقافي الأصيل والمعاناة اليومية. استخدم العنوان لإبراز التحديات التي يواجهها الطوارق، مع التأكيد على ضرورة كسر قيود الصمت واستعادة الصوت الثقافي.

أصدرت مجلة “آمنس إهجاوجوين” بعد ذلك أربعة أعداد، وظلت علامة فارقة في المشهد الثقافي الأمازيغي، حيث نجحت في تسليط الضوء على قضايا أمازيغية جوهرية، وأكدت على أهمية تطوير أدوات التعبير الثقافي مثل تيفيناغ لتكون رمزًا للهوية والنضال.

“آمنس إهجاوجوين” لم تكن مجرد مجلة، بل كانت صرخة فنية وفكرية تعبر عن آمال وأحلام شعب كامل، لتظل شاهدة على إرادة الصمود الثقافي وروح النضال الأمازيغي.

تقدم تاوالت بطلب رسمي لإدراجتيفيناغ في يونيكود

حدث في مثل هذا اليوم، 28 فبراير 2003، تقدمت مؤسسة تاوالت الثقافية بطلب رسمي لإدراج حرف تيفيناغ في المنظومة الدولية ليونيكود، لتصبح أول مؤسسة أمازيغية تخطو هذه الخطوة التاريخية. جاء هذا الطلب في وقت كانت فيه جهود اعتماد تيفيناغ رسميًا تتسارع، لا سيما بعد قرار المغرب باعتماده في 10 فبراير 2003.

الملف الذي أعدته مؤسسة تاوالت، ممثلة في الباحث مادغيس محمد ؤمادي، كان الثاني الذي يُقدم لمنظمة يونيكود بهذا الخصوص، ولكنه الأول الذي يحمل بصمة أمازيغية خالصة. ورغم أن تقديم الطلب رسميًا تم في فبراير، إلا أن التحضير له استغرق شهورًا، إذ تطلب إعداد وثائق دقيقة تثبت استخدام الحرف واعتماده في السياقات الثقافية واللغوية.

لا شك أن هذا الإنجاز كان جزءًا من جهود أوسع، حيث شكلت مبادرة المغرب واعتماد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بقيادة الأستاذ مهدي ايعزي نقطة تحول حاسمة دفعت بحرف تيفيناغ نحو العالمية.

اعتماد حرف “تيفيناغ” لكتابة اللغة الأمازيغية في المغرب

حدث في مثل هذا اليوم 10 فبراير 2003 ميلادي وافق الملك محمد السادس على اعتماد حرف “تيفيناغ” لكتابة اللغة الأمازيغية في المغرب، بناءً على توصية المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

هذا القرار حسم النقاش حول اختيار الحرف المناسب لكتابة الأمازيغية، حيث تباينت الآراء بين اعتماد الحرف اللاتيني أو العربي أو “تيفيناغ”. ومنذ ذلك الحين، شهدت الأمازيغية تطورًا ملحوظًا، إذ تم تدريسها في المدارس، وإصدار الكتب والبرامج بها، ودمجها في التكنولوجيا الحديثة، مما عزز حضورها في المشهد الثقافي والإعلامي.

لم يكن لهذا القرار تأثير داخل المغرب فقط، بل امتد تأثيره إلى بقية الأمازيغ في شمال إفريقيا. فقد ألهم اعتماد “تيفيناغ” أمازيغ ليبيا، الذين بدأوا باستخدامه بشكل أوسع، وساهم في تعزيز الوعي الهوياتي بينهم. كما استخدمه أمازيغ الجزائر، وإن لم يكن بشكل رسمي، مما جعله رمزًا ثقافيًا يعبر عن امتداد وتواصل الهوية الأمازيغية عبر مختلف مناطق تامازغا.

حدث في مثل هذا اليوم: إدراج طبق الكسكس في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو

في مثل هذا اليوم 16 ديسمبر 2023 ، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) إدراج طبق الكسكس، الأيقونة الشهيرة للمطبخ الأمازيغي، ضمن قائمتها للتراث الثقافي غير المادي. يُعد الكسكس رمزًا ثقافيًا مشتركًا يجمع بين الجزائر، المغرب، تونس، وموريتانيا وليبيا، وهو من الأطباق التي تعكس تراثًا غنيًا بالقصص، التقاليد، والعادات المتوارثة عبر الأجيال.

جاء هذا الاعتراف الدولي تتويجًا لجهود مشتركة بين الدول، حيث قدمت ملفًا موحدًا يُبرز القيمة الثقافية والإنسانية لهذا الطبق الذي يتجاوز مجرد كونه طعامًا ليصبح جزءًا من هوية شمال إفريقيا. ويعكس الكسكس، بكل تفاصيله، التلاحم الاجتماعي والإبداع الإنساني من خلال طريقة تحضيره الجماعية، والتي تُبرز روح التعاون والعائلة.

هذا الإنجاز يعزز أهمية الحفاظ على التراث الثقافي المشترك في المنطقة الشمال أفريقيا ويؤكد دور الموروث الثقافي الأمازيغي في تعزيز الهوية والتفاهم بين الشعوب.

فوز الروائي الأمازيغي الليبي الكبير إبراهيم الكوني بجائزة أدبية مرموقة

في مثل هذا اليوم، 16 ديسمبر 2023 احتفى العالم الأمازيغي بفوز الروائي الأمازيغي الليبي الكبير إبراهيم الكوني بجائزة أرابليت ستوري برايز وهي جائزة أدبية مرموقة، تأكيدًا على مكانته كواحد من أبرز كتاب الرواية في العالم. إبراهيم الكوني، الذي يُلقب بسفير الصحراء في الأدب، تمكن من مزج التراث الأمازيغي والثقافة الإنسانية بأسلوبه الروائي الفريد الذي ينهل من روح الصحراء وعوالمها الساحرة.

حصل الكوني على الجائزة تقديرًا لروايته “الصحراء تبكي أيضًا” (The Desert Also Keened)، وهي عمل أدبي عميق يسلط الضوء على العلاقة الروحية بين الإنسان والطبيعة، مستمدًا إلهامه من تجارب ئموهاغ وثقافتهم المتجذرة في أعماق الصحراء. الرواية تعكس براعة الكوني في تحويل قضايا الهجرة، العزلة، والمقاومة إلى ملاحم إنسانية تخاطب القارئ أينما كان.

هذا التتويج ليس الأول في مسيرة الكوني، الذي كتب أكثر من 80 عملاً روائيًا وترجم إلى العديد من اللغات العالمية. يعتبر هذا الفوز خطوة إضافية في تأكيد أهمية الأدب الليبي في المشهد الثقافي العالمي، ودعوة إلى مزيد من الاهتمام بالموروث الثقافي الصحراوي الذي شكّل مصدر إلهام للكوني وأعماله.

اليوم العالمي للجبال والأمازيغ

يُحتفل باليوم العالمي للجبال في 11 ديسمبر من كل عام، وهو مناسبة تُخصص للاعتراف بأهمية الجبال في حياتنا وضرورة الحفاظ على نظمها البيئية. في هذا السياق، يُعتبر الأمازيغ من أبرز الشعوب التي ارتبطت تاريخيًا بالمناطق الجبلية في شمال أفريقيا، حيث استوطنوا مناطق تمتد من واحة سيوة في مصر إلى جزر الكناري، ومن ساحل البحر الأبيض المتوسط شمالًا إلى أعماق الصحراء الكبرى جنوبًا.
تُعد الجبال موطنًا رئيسيًا للأمازيغ، حيث استقروا في سلاسل جبلية مثل الأطلس الكبير والمتوسط والصغير في المغرب، وجبال جرجرة والأوراس في الجزائر، وجبال نفوسة في ليبيا وجبال دمر في جنوب تونس. هذه المناطق الجبلية لم تكن مجرد موطن لهم، بل شكلت جزءًا أساسيًا من هويتهم الثقافية والاجتماعية. فقد طوّر الأمازيغ نظمًا زراعية تتكيف مع التضاريس الجبلية، مثل زراعة الحبوب والفواكه وتربية الماشية، مما ساهم في استدامة مجتمعاتهم عبر القرون.
بالإضافة إلى ذلك، لعبت الجبال دورًا حاسمًا في حماية الأمازيغ من الغزوات الخارجية، حيث وفرت لهم ملاذًا آمنًا ومكنتهم من الحفاظ على لغتهم وثقافتهم وتقاليدهم. كما أن التنوع البيئي في المناطق الجبلية ساهم في تنوع ثقافتهم، حيث انعكس ذلك في فنونهم وموسيقاهم وأزيائهم التقليدية.
منذ القدم، كانت الجبال موطنًا طبيعيًا للأمازيغ، ورسوم أكاكوس القديمة في الصحراء الليبية تؤكد أن هذه التضاريس كانت جزءًا من حياتهم اليومية منذ آلاف السنين. تلك العزلة الجغرافية التي وفرتها الجبال لعبت دورًا رئيسيًا في الحفاظ على اللغة الأمازيغية وثقافتها. ففي الوقت الذي تعرضت فيه الهوية الأمازيغية لمحاولات الطمس والانصهار الثقافي، كانت الجبال ملاذًا آمنًا يحافظ على الخصوصية اللغوية والتراثية.
على مر العصور، جعل الأمازيغ من الجبال بيئة ملائمة للعيش رغم صعوبتها، فحولوا أراضيها إلى مدرجات زراعية منتجة، وطوروا نظم ري ذكية تلائم التضاريس الوعرة. بذلك، أصبحت الجبال مركزًا للحياة الاقتصادية والاجتماعية، تقدم الغذاء والملجأ لسكانها، وتحتضن التراث الثقافي واللغوي الذي ظل صامدًا رغم التحديات.
في ليبيا، كانت جبال نفوسة معقلًا للحركات الوطنية الأمازيغية، حيث دافع سكانها ببسالة عن طرابلس في عهد الباروني، وكانت شاهدة على صمود الشعب الليبي أمام محاولات الاحتلال والإخضاع. وبالمثل، لم يستطع العثمانيون فرض سيطرتهم الكاملة على سكان الجبال الليبية حتى منتصف العهد العثماني الثاني، ما يُظهر قوة السكان وصلابة إرادتهم ومن نفوسة انطلقت ثورة فبراير لتحرير طرابلس من القذافي.
في المغرب، كانت الجبال تُعرف بأنها “الأرض غير المخزنية”، إذ لم تخضع مناطق مثل الأطلس وسوس لسلطة المخزن إلا بعد جهود شاقة. سكان الجبال هناك استثمروا التضاريس القاسية لتحويلها إلى جنان زراعية تنتج الحبوب والفواكه وتوفر حياة كريمة، رغم صعوبة الزراعة.
الجبال أيضًا كانت ساحة لحروب التحرير الكبرى، حيث لجأ إليها القائد التاريخي يوغرطة لتحصين قواته ضد الغزو الروماني، ومنها خرجت ثورة فيرموس ضد البيزنطيين. في المغرب، كانت جبال الريف مركزًا لثورة عبد الكريم الخطابي، الذي ألحق هزائم نكراء بالإسبان وابتكر استراتيجيات حرب العصابات التي ألهمت حركات التحرير العالمية. وفي الجزائر، كانت الأوراس وجرجرة موطنًا للمقاومة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي، حيث برزت شخصيات مثل لالة فاطمة نسومر التي قادت مقاومة بطولية. من الأوراس انطلقت شرارة تحرير الجزائر من ربقة الاستعمار الفرنسي.
في الوقت الحاضر، تواجه المناطق الجبلية تحديات بيئية كبيرة، مثل التغير المناخي والتصحر وفقدان التنوع البيولوجي. هذه التحديات تؤثر بشكل مباشر على المجتمعات الأمازيغية التي تعتمد على الموارد الجبلية في معيشتها. لذلك، يُعتبر اليوم العالمي للجبال فرصة للتأكيد على أهمية حماية هذه النظم البيئية ودعم المجتمعات التي تعيش فيها.
ختامًا، يُمثل ارتباط الأمازيغ بالجبال نموذجًا للتعايش المستدام بين الإنسان والبيئة. ومن خلال فهم هذا الارتباط، يمكننا استلهام الدروس في كيفية الحفاظ على النظم البيئية الجبلية وتعزيز التنمية المستدامة فيها وفي يومنا هذا، ورغم تغير الظروف، تظل الجبال رمزًا للصمود والثبات. إنها ليست مجرد تضاريس طبيعية، بل شاهد حي على تاريخ الأمازيغ، وموطن لتراثهم الذي يربطهم بجذورهم العميقة ويعزز هويتهم المستقلة.