حدث في مثل هذا اليوم 1 يونيو 1921، وقعت معركة “إدهار ن أبران” الخالدة، وهي إحدى أشرس المعارك التي شهدتها منطقة الريف الأمازيغي، وتحديدًا في قمة جبلية بقبيلة تمسمان، الواقعة في عمق سلسلة جبال الريف المطلّة على الساحل المتوسطي شمال المغرب.
قاد المعركة المجاهد مولاي محند عبدالكريم الخطابي، في مواجهة اثنتين من أعظم القوى الاستعمارية آنذاك: فرنسا وإسبانيا، في لحظة مصيرية من تاريخ المقاومة الريفية. وقد تزامنت المعركة مع 21 رمضان 1339 هجرية، ما منحها أيضًا بُعدًا روحانيًا وجهاديًا خاصًا في الذاكرة الشعبية.
المعركة لم تدم إلا سويعات معدودة، لكنها كانت كافية لتُلقّن القوات الاستعمارية هزيمة قاسية بقيادة الجنرال الإسباني سيلفستر، الذي كان يُسميه الخطابي في مذكراته “سيلبستر”، واعتبرها من أهم المعارك التي رسّخت عزيمة المجاهدين وأربكت خطط الاحتلال.
لكن وللأسف، وجب التنويه إلى أن الجيش الإسباني لم يكن يتكوّن من الإسبان فقط، بل ضمّ عددًا من المرتزقة الريفيين الذين حاربوا إلى جانب العدو ضد إخوتهم، وهو جانب مظلم ومؤلم من تلك الحقبة، يُعيد للأذهان تعقيدات الاستعمار واستراتيجياته في تفتيت الصفوف وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد.
ورغم ذلك، كان للعلماء والمجاهدين الأحرار دور في لمّ الشمل، وعلى رأسهم الفقيه بولحية الوكيلي التوزاني، الذي شارك في المعركة وقاد جانبًا روحيًا وتعبويًا هامًا، قبل أن يُصبح لاحقًا المفتي العام لجمهورية الريف، وسنأتي على ذكره تفصيلًا في ذكرى وفاته.
معركة إدهار ن أبران ليست مجرد انتصار عسكري، بل رمز من رموز الكرامة والبطولة الريفية، ودليل على قدرة شعب الأمازيغ الريفيين على مقارعة أعتى الجيوش، في قمم الجبال، بروح إيمانية عالية، وعدالة قضية لا تموت.