ثورة الشيخ محمد بن أحمد أمقراني

حدث في مثل هذا اليوم 27 فبراير 1870، انطلقت ثورة الشيخ محمد بن أحمد أمقران، قائد منطقة مجانة (الهضبة العليا)، ضد الاحتلال الفرنسي. كانت هذه الثورة واحدة من أكبر الانتفاضات الشعبية التي واجهها الفرنسيون في الجزائر، حيث انضم إلى أمقران إخوان الطريقة الرحمانية، وتمكنوا من تحقيق عدة انتصارات عسكرية ضد القوات الفرنسية.

بلغ عدد جيش محمد أمقران نحو 120 ألف مجاهد، وهو أكبر تجمع للمقاومة الجزائرية تحت قيادة واحدة في ذلك الوقت. هذا الحجم العسكري الكبير جعل الفرنسيين يعتبرون هذه الثورة تهديدًا خطيرًا لوجودهم في الجزائر، فشنوا حملات عسكرية مكثفة لإخمادها.

بعد عام من المقاومة، استُشهد محمد بن أحمد أمقران في 5 مايو 1871، حيث تعرض للطعن أثناء تأدية الصلاة على يد خادمه، الذي كان مدفوعًا من قبل الاستعمار الفرنسي، ليكون ذلك اغتيالًا مدبرًا لإجهاض الثورة. دفن الشيخ في “آيت عباس” قرب مدينة بگايت (بيجاية)، لكن رغم استشهاده، لم تتوقف المقاومة، بل ازدادت عزيمةً وإصرارًا.

بعد قمع الثورة، قامت فرنسا بتهجير عدد كبير من القبائليين قسرًا إلى جزر كاليدونيا الجديدة، حيث لا يزال أحفادهم هناك حتى اليوم، يعانون من رفض السلطات الجزائرية منحهم الجنسية بعد الاستقلال. كما أن جزءًا آخر من المنفيين استقر في سوريا ولبنان، لكنهم أيضًا يواجهون صعوبات في الحصول على الجنسية الجزائرية.

من بين العائلات التي هُجّرت عائلة أمقران، التي استقرت أغلب أفرادها في مدينة قفصة جنوب تونس، حيث لا يزالون يحملون إرث الثورة والمقاومة التي قادها جدهم محمد بن أحمد أمقران ضد الاحتلال الفرنسي.

رغم النهاية المأساوية للشيخ أمقران، إلا أن ثورته كانت محطة فارقة في تاريخ المقاومة الجزائرية، حيث شكلت إلهامًا للانتفاضات اللاحقة ضد الاستعمار، ورسّخت روح التحدي والصمود في وجه الاحتلال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *