حدث في مثل هذا اليوم 2 مايو 2011، تم بث أول نشرة إخبارية باللغة الأمازيغية في تاريخ ليبيا الحديث عبر قناة ليبيا لكل الأحرار، في خضم أوج الثورة الليبية، لتكون هذه اللحظة علامة فارقة في المسار الإعلامي والثقافي الأمازيغي داخل ليبيا، وترجمة فعلية لنضال طويل خاضه الأمازيغ من أجل الظهور بلغتهم في الإعلام الوطني.
قام بتقديم هذه النشرة التاريخية الأستاذ والإذاعي القدير أزم علي، ابن مدينة لالوت (نالوت) في جبل نفوسة، بصوته الهادئ وأسلوبه الواثق الذي لامس قلوب المشاهدين، فكان صوتًا يعكس نبض الشعب الأمازيغي وهمومه وتطلعاته، في لحظة كانت فيها ليبيا تعيد رسم ملامح هويتها.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الإنجاز لم يكن وليد الصدفة، بل جاء بعد نقاشات عميقة في اللجنة الإعلامية للثوار في الدوحة، شارك فيها المدير التنفيذي للقناة آنذاك الأستاذ طارق القزيري، والناشط الأمازيغي مادغيس أومادي، الذي ساهم بشكل مباشر في إدماج البعد الأمازيغي في الخط التحريري للقناة، رغم تعذره عن الالتحاق الفوري بسبب قرب ولادة ابنه سدرين.
سعى أومادي في المقابل إلى دعم الفريق الأمازيغي بالقناة من الخلف، فقام بترشيح الإعلامي والصحفي محمد ربيع، وأقنع الأستاذ شكري أگمار (الذي كان طالبًا في أمريكا) بالالتحاق، بينما التحقت الإعلامية سناء المنصوري بمبادرة ذاتية، وبدأت تبلور رفقة الفريق أول المواد التمهيدية من إشعارات وأشعار وأغاني مصورة، ثم تبعتها برامج مثل “أبريد ن تاگراولا” وغيرها.
ورغم أن هذه التجربة شكلت فتحًا إعلاميًا غير مسبوق للأمازيغية في الإعلام الرسمي الليبي، فإنها توقفت لاحقًا لأسباب متعددة، أبرزها:
-
ضغوط سياسية قوية تعرضت لها القناة، خاصة من ممثلي مدينتي الزنتان والرجبان، وبعض أعضاء المجلس الانتقالي الذين عارضوا بث الأمازيغية.
-
ضعف الموارد والدعم اللوجستي المتاح للبرامج الأمازيغية، التي كانت تشتغل في ظروف غير مهنية ومتوترة.
-
رفض القناة إدماج إعلاميين جدد رغم الحاجة، ما دفع أومادي للتهديد بالانسحاب، إلا أن استُجيب له بإلحاق راضي غواز كاستثناء.
لقد أثبتت هذه التجربة أن اللغة الأمازيغية ليست عبئًا على الإعلام، بل رافعة تنوع ووسيلة تواصل عميقة مع مكوّن أساسي من مكونات الشعب الليبي. وهي لحظة ستبقى راسخة في الذاكرة الأمازيغية، نقطة تحول أولى في معركة الهوية، ستتبعها محطات أخرى نعرضها تباعًا في مناسباتها.