جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

حدث في مثل هذا اليوم 5 مايو 1931، تم تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي حملت شعارًا شهيرًا:
“الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا”، وهو الشعار الذي اختصر ملامح مشروعها الديني-الثقافي الذي وُلد في سياق الهيمنة الاستعمارية الفرنسية على الجزائر.

أسّس الجمعية الشيخ عبد الحميد بن باديس، وهو من أصول أمازيغية (وقد سبق ذكره)، بمعية مجموعة من الشخصيات المرتبطة بـنادي الترقي، ومن أبرزهم: الطيب العقبي، البشير الإبراهيمي وغيرهم من العلماء الذين تتلمذ معظمهم في جامع الزيتونة بتونس، والمدرسة الخلدونية، وكان بينهم أيضًا علماء إباضيون في بدايات التأسيس.

طبيعة الجمعية وأهدافها:

رغم مكانتها العلمية والدينية، لم تكن الجمعية ذات توجه تحرري أو مقاوم، بل كان هدفها الأساسي الحفاظ على الشعائر الدينية ومحاربة البدع والخرافات، ولم تُعرف بدعوتها إلى الكفاح المسلح ضد الاستعمار، بل اكتفت بالمطالبة بإصلاحات دينية وثقافية مثل:

  • تسهيل أداء الحج

  • بناء المساجد

  • تعميم التعليم الديني

منشورات الجمعية:

أصدرت الجمعية عددًا من الجرائد والمجلات التي شكّلت صوتها الإعلامي والفكري، منها:

  • مجلة الشهاب

  • جريدة البصائر

  • السنة النبوية

  • الشريعة المحمدية

  • الصراط السوي

وقد تميزت هذه الإصدارات بخط تحريري يميل إلى السلفية ذات التأثر الواضح بالوهابية الحجازية، رغم أن الانطلاقة كانت ذات طابع مالكي معتدل.

في المهجر:

كان للجمعية نشاط بين المهاجرين الجزائريين في فرنسا، من خلال المحاضرات والجمعيات الثقافية والمساجد، سعيًا لتثبيت الهوية الدينية في وجه الذوبان في المجتمع الفرنسي.

الانتقادات:

يُؤخذ على الجمعية أنها لم تلتحق يومًا بالمقاومة الوطنية المسلحة ضد الاستعمار، ولم تُدعُ إلى الثورة، بل كانت أقرب إلى حركة إصلاح ديني تربوي منها إلى حركة تحرر وطني، ما جعلها محط انتقاد من بعض رموز الكفاح الوطني والثقافي.

ورغم ذلك، فإن الجمعية لا تزال قائمة إلى يومنا هذا، وتواصل أداء أدوار دينية وثقافية، بعضها تطور مع الزمن، وبعضها ظل محكومًا بإرثها الأول.

تبقى جمعية العلماء المسلمين ظاهرة دينية وثقافية بارزة في تاريخ الجزائر المعاصر، أثرت في الوعي الديني وشكلت إحدى أدوات الحفاظ على الشخصية الجزائرية في وجه فرنسة المجتمع، ولو أنها اكتفت بالإصلاح دون الثورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *