حدث في مثل هذا اليوم 22 مايو 2007 فقدت الساحة الحقوقية والثقافية الأمازيغية أحد أعلامها الكبار، المناضل الحقوقي إدريس بن زكري، بعد صراع مرير مع مرض السرطان، رحمه الله رحمة واسعة.
الميلاد والنشأة:
وُلد الفقيد سنة 1950 في قرية آيت واحي، من نواحي زمور في إقليم الخميسات، ونشأ في بيئة قروية أمازيغية طبعها العمل والالتزام.
بدايات النضال والاعتقال:
انخرط بن زكري مبكرًا في العمل السياسي والحقوقي، حيث التحق سنة 1970 بمنظمة “إلى الأمام” ذات التوجه اليساري الراديكالي. وفي سياق الحملة القمعية ضد النشطاء اليساريين، اعتُقل سنة 1974، وتعرض خلالها لشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي، قبل أن يصدر في حقه حكم بالسجن ثلاثين سنة نافذة سنة 1977.
قضى منها سبعة عشر عامًا في السجون المغربية، في ظروف قاسية وظالمة، إلى أن أُفرج عنه بعفو سنة 1991، بعد أن صار رمزًا من رموز ضحايا سنوات الرصاص في المغرب.
العودة إلى الفكر والدراسة:
رغم سنوات الاعتقال، واصل إدريس بن زكري بناء ذاته علميًا وفكريًا:
-
حصل على شهادة في اللسانيات والآداب والعلوم الإنسانية من جامعة محمد الخامس
-
تابع دراساته المعمقة في جامعة إيكس-مرسيليا بفرنسا
-
نال ماجستيرًا في القانون الدولي من إحدى الجامعات البريطانية
الكتابة والإسهام الثقافي الأمازيغي:
كان إدريس بن زكري من المؤمنين بضرورة إنصاف الثقافة الأمازيغية، وله إسهامات مهمة، منها:
-
فونولوجيا ونحو اللغة الأمازيغية
-
شعر المقاومة الأمازيغي للثلاثينيات
-
كما كتب أشعارًا بالأمازيغية ظلّت أغلبها غير منشورة
هيئة الإنصاف والمصالحة ومنتدى الحقيقة:
يُعد من مؤسسي منتدى الحقيقة والعدالة، وواحدًا من الوجوه البارزة في هيئة الإنصاف والمصالحة، التي حاولت إعادة الاعتبار لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المغرب. كان إدريس بن زكري صوتًا جريئًا، يجمع بين الصرامة الأخلاقية، والرصانة القانونية، والوفاء للمهمشين.
رحيل رجل الدولة والضمير:
رحل إدريس بن زكري يوم 22 مايو 2007، لكنه بقي في الذاكرة المغربية والعربية والأمازيغية كأحد الرموز الأخلاقية النادرة، الذين لم تفسدهم السلطة ولا أذلتهم الزنازين، بل زادهم الألم عمقًا، والصمت حكمة، والنضال إصرارًا.