إصدار كتاب “قصور وطرقان في جبل نفوسا”

حدث في مثل هذا اليوم 29 مايو 1885 أصدر الشيخ إبراهيم أو سليمان أشماخي كتابه الفريد من نوعه بعنوان “ئغاسرا د ئبريدن د ئرارن ن ئنفوسن”، والذي يعني باللغة الأمازيغية “قصور وطرقات في جبل نفوسة”، وهو من أقدم نص أمازيغي ليبي مطبوع وأقدم كتاب لكاتب ليبي مطبوع كذلك، ويجمع بين فن الرحلة والمعطيات الجغرافية واللغوية عن منطقة جبل نفوسة في أواخر القرن التاسع عشر.

حول الكتاب والمؤلف:

كتب الشيخ أشماخي هذا العمل حين كان تلميذًا في وادي ميزاب بالجزائر، بتنوع لغوي ينتمي لفساطو، رغم أن أصوله من يفرن.
وقد أُنجز الكتاب بطلب من الباحث الفرنسي المتمزغ “موتيلنسكي”، الذي كان يهدف من خلاله إلى دراسة نحو اللغة الأمازيغية وتنوعاتها في منطقة جبل نفوسة.

محتوى وأهمية الكتاب:

الكتاب يضم وصفًا دقيقًا للقرى والطرقات والمعالم الطبيعية والبشرية في جبل نفوسة، ويعتبر من أقدم الوثائق المكتوبة بالأمازيغية في العصر الحديث، ويمثل مرجعًا لغويًا وتاريخيًا لا يقدّر بثمن، خاصة في تتبع تطور تنوع فساطو.

التحقيقات والترجمات المختلفة:

1. نسخة تاوالت الثقافية:

  • تحقيق شامل للنص الأصلي

  • ترجمة عربية دقيقة

  • كتابة النص الأمازيغي بخط ئراتن المعتمد من الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي

  • مرفقة بجزء خاص بعنوان “شواهد نحوية مستخرجة من النص”

  • متوفرة مجانًا على موقع تاوالت
     تُعد هذه النسخة من أدق وأغنى النسخ المتوفرة، وتُظهر حجم التقهقر اللغوي الذي عرفته اللغة الأمازيغية خلال قرن كامل.

2. نسخة الأستاذ محمد حمام – المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية:

  • اعتمد على نسخة من المخطوط

  • ترجمة إلى العربية

  • حول النص إلى تيفيناغ

  • لكنها تعاني من أخطاء لغوية بسبب عدم الإلمام الكامل بالتنوع النفوسي بالاضافة لأخطاء في تيفيناغ كذلك.

3. نسخة مركز الجهاد – طرابلس:

  • ترجمة عربية فقط، دون نشر النص الأمازيغي

  • مصحوبة بمقدمة للباحث الجراري

  • تتبنى وجهة نظر النظام القذافي والعروبيين في مسألة “عروبة الأمازيغ”

  • تُعد نسخة مشوهة ومجتزأة لا تُعتد بها في الأوساط العلمية النزيهة

لماذا هذا الكتاب مهم؟

  • يمثل وثيقة لغوية تاريخية نادرة

  • يعكس غنى تنوع فساطو

  • يعبر عن رؤية أمازيغية محلية صادقة للعالم قبل هيمنة الخطابات القومية

  • يُعد نموذجًا نادرًا لما يمكن أن نسميه أدب الرحلة الأمازيغي في القرن التاسع عشر

الشيخ إبراهيم أو سليمان أشماخي ترك لنا تراثًا نادرًا ومرآة لغوية وجغرافية وتاريخية لجبل نفوسة، نحتاج اليوم، بعد أكثر من قرن، إلى قراءته من جديد لا فقط كنص لغوي، بل كصرخة زمنية ضد النسيان والتهميش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *