وفاة عراب القومية العربية

حدث في مثل هذا اليوم 11 أبريل 2013، تُوفي أحمد بن بلة، أول رئيس للجمهورية الجزائرية بعد الاستقلال، وأحد عرّابي القومية العربية في شمال إفريقيا، وأكثر الشخصيات السياسية إثارة للجدل في التاريخ الجزائري المعاصر، بسبب ماضيه العسكري في الجيش الفرنسي، وتبنيه الشديد لمشروع التعريب والقومية العربية على حساب مكوّنات الهوية الأمازيغية والثقافية المتنوعة في الجزائر.


خلفيته ونشأته:

  • وُلد بن بلة سنة 1916 في مدينة مغنية جنوب وهران، لكن أصول عائلته تعود إلى مدينة مراكش المغربية.

  • التحق طوعًا سنة 1937 بالجيش الفرنسي، وبقي فيه حتى 1940، ثم عاد للالتحاق مجددًا بالجيش الفرنسي بعد احتلال ألمانيا لفرنسا، ضمن وحدات عسكرية قاتلت في صفوف الحلفاء ضد إيطاليا وألمانيا.

  • خدم في كتيبة مشاة الألب رقم 141، وشارك في معركة مونتي كاسينو، حيث امتُدح لشجاعته من قبل قادته الفرنسيين، ونال وسام الصليب العسكري والميدالية العسكرية الفرنسية سنة 1944 من الجنرال ديغول نفسه.


مسيرته السياسية:

  • بعد نهاية الحرب، انخرط بن بلة في النشاط السياسي المعارض، وشارك لاحقًا في تأسيس جبهة التحرير الوطني الجزائرية (FLN).

  • بعد الاستقلال سنة 1962، أصبح أول رئيس للجزائر المستقلة، وشكّل نظامًا أحاديًا مركزًا على شخصه وحلفائه العسكريين.


سياساته:

  • كان بن بلة من أشد المتحمسين للعروبة والتعريب، وسعى إلى فرض اللغة العربية كلغة وحيدة للدولة، في محاولة لمحو الأمازيغية والفرنسية من الفضاء العام.

  • عُرف بدعمه الصريح لـجمال عبد الناصر، وبمحاولاته لقيادة محور قومي عربي في المغرب العربي.

  • كان من المؤسسين لاتحاد المغرب العربي، غير أن خطابه العروبي الإقصائي خلق تصدعات داخلية حادة، خاصة مع الأمازيغ الذين تعرضوا في عهده للتهميش والإنكار التام لهويتهم.


جدلية تاريخه:

  • يُتهم بأنه فتح باب الفساد السياسي المبكر في الدولة الجزائرية، وبأنه همّش رفاقه في الثورة، خاصة من لم يكونوا يدينون له بالولاء المطلق.

  • يُحيط الغموض بعدة محطات في حياته، منها:

    • ظروف نجاته من عمليات التصفية قبيل الاستقلال

    • علاقته الاستخباراتية المحتملة خلال إقامته في فرنسا ومصر

    • دوره في مرحلة التصفيات داخل قيادة الثورة


بعد الإطاحة به:

  • أطاح به هواري بومدين سنة 1965 في انقلاب عسكري أبيض، ليدخل في عزلة سياسية طويلة، لم يظهر بعدها إلا بعد عقود، في ظل ظروف صحية متدهورة.


الخلاصة:

يظل أحمد بن بلة شخصية محورية في تاريخ الجزائر المستقلة، لكن:

  • ارتبط اسمه أكثر بمشروع العروبة والإقصاء الثقافي، لا ببناء الدولة المتعددة.

  • سُجّل عليه التاريخ بأنه رئيس جاء من صفوف الجيش الفرنسي، وقاد البلاد بمنطق فوقي مركزي، وكرّس انحيازًا أيديولوجيًا أفقد الجزائر توازنها الهوياتي منذ البدايات.

رحل أحمد بن بلة في مثل هذا اليوم، وترك وراءه تاريخًا لا زال موضع مراجعة ونقد عميق، خصوصًا في علاقته بالأمازيغية، وبالنضال الحقيقي من أجل التعدد والعدالة الثقافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *