ستوديو فيليكس يخرج أول ألبوم صور عن الجزائر

حدث في مثل هذا اليوم 5 مارس 1900، قام استوديو فيليكس بوتين بإصدار أول ألبوم صور متكامل عن الجزائر “الفرنسية”، يوثّق سبعين عامًا من الاستعمار الفرنسي في الجزائر خلال القرن التاسع عشر. كان هذا العمل بمثابة مشروع بصري ضخم، يعكس رؤية المستعمر حول الجزائر، حيث ضم مجموعة من الصور الفوتوغرافية النادرة التي تناولت مختلف الجوانب السياسية، العسكرية، والاجتماعية للحضور الفرنسي في البلاد.

لم يكن هذا الألبوم مجرد مجموعة صور، بل كان أداة بصرية دعائية تعكس تصور فرنسا لدورها في الجزائر. فقد سعى الاستوديو إلى تقديم الجزائر كـ”مستعمرة متحضرة”، مستخدمًا عدسة الكاميرا لإبراز مشاريع البنية التحتية، العمارة الأوروبية في المدن الجزائرية، والمشاهد اليومية للحياة تحت الاحتلال، لكنها في الوقت نفسه تخفي الكثير من واقع المقاومة الجزائرية والاستغلال الاستعماري.

إلى جانب ألبوم الجزائر، أخرج الاستوديو أيضًا ألبومًا متعلقًا بـمعرض المستعمرات الفرنسية في باريس، وهو حدث كان يُقام لاستعراض نفوذ فرنسا الاستعماري وإبراز مشاريعها في المستعمرات المختلفة. مثل هذه المعارض لم تكن مجرد فعاليات ثقافية، بل كانت أدوات لتعزيز الأيديولوجيا الاستعمارية، حيث تم تقديم الجزائر وبقية المستعمرات الفرنسية كمناطق ازدهار بفضل التدخل الفرنسي.

تمثل هذه الألبومات اليوم مصدرًا تاريخيًا مهمًا يمكن من خلاله تتبع الأحداث الكبرى، تطور المدن، والتحولات التي فرضها الاستعمار. ورغم طابعها الدعائي، فإنها تظل مرجعًا بصريًا قيّمًا للباحثين في تاريخ الجزائر، إذ يمكن من خلالها استكشاف ملامح البنية الاجتماعية والعمرانية خلال تلك الفترة، فضلاً عن تحليل كيف روّج الاستعمار لنفسه عبر الصورة.

في الوقت الحالي، يتم التعامل مع هذه الألبومات بعين نقدية، حيث تعيد الدراسات التاريخية الحديثة تفكيك السردية الاستعمارية التي حاولت هذه الصور ترسيخها، وتُبرز الجوانب التي تم التعتيم عليها، خاصة فيما يتعلق بممارسات القمع والاستغلال التي عانى منها الجزائريون خلال تلك الحقبة.

تظل أرشيفات مثل ألبوم فيليكس بوتين شواهد على مرحلة مفصلية في تاريخ الجزائر، حيث يمكن قراءتها اليوم من منظور مضاد، يكشف المسكوت عنه في الخطاب الاستعماري المصور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *