البدر الشماخي ( صاحب السير سوف نأتي علي ذكره) ينتهي من شرح عقيدة التوحيد

حدث في مثل هذا اليوم 13 مارس 1499، أكمل البدر الشماخي (صاحب كتاب السير، والذي سنعود لسيرته لاحقًا) شرح عقيدة التوحيد لابن جميع، وهو كتاب معتمد عند الإباضية في تدريس أركان التوحيد وتفاصيله، خاصة للطلبة الذين لم يكونوا ناطقين بالعربية، إذ كان يُدرس وفق طريقة الأولين بالمتون.

ما يميز هذا الكتاب هو أنه كان يُدرس حتى وقت قريب باللغة الأمازيغية إلى جانب نصه العربي، وهو أمر يعكس استمرار استخدام الأمازيغية في التعليم الديني عند الإباضية حتى تلك الفترة. لكن مع توسع التعريب وانتشار العربية بين الأمازيغ الناطقين بها، بدأت الأمور تتغير، وخاصة في مناطق مثل غريان، التي شهدت تحولًا إلى المذهب المالكي، وهو ما تزامن مع ازدياد التأثير العربي، مما جعل العامي من النفوسيين يتقن العربية ويستبدل بها لسانه تدريجيًا. هذا التحول لم يكن بعيدًا عن الفترة التي بدأ فيها الأتراك بترسيخ نفوذهم في شمال إفريقيا، وكان لهم الدور الأكبر في ضرب ما تبقى من الهوية الأمازيغية اللغوية والدينية في بعض المناطق.

النسخة الأمازيغية من “عقيدة التوحيد”

تشير بعض المصادر إلى أن النسخة الأمازيغية من الكتاب كانت متداولة حتى وقت قريب في جربة، حيث ذكر ذلك الشيخ سالم بن يعقوب (سبق ذكره)، كما أشار إليها صلاح الدين الثلاث (سيأتي ذكره في وقته) في كتابه عن تاريخ جربة، حيث قال:

“وبعد فإني وجدت هذه النسخة ـ مقدمة التوحيد ـ منسوخة بالبربرية في “توحيد خالق البرية” وكتبت عليها شروحًا عديدة، ومازالت معتمدة عند الإباضية إلى اليوم.”

لكن للأسف، النسخة الأمازيغية الأصلية تعد اليوم في عداد المفقودين، ورغم المحاولات للتواصل مع بعض الباحثين قبل وفاتهم، مثل صلاح الدين الثلاث، إلا أن الوصول إليها ظل أمرًا صعبًا.

يظل هذا الحدث شاهدًا مهمًا على التاريخ اللغوي والديني للإباضية في شمال إفريقيا، ودليلًا على مدى التغيرات التي طرأت مع انتشار العربية وتعريب المناطق الأمازيغية تدريجيًا، خاصة مع التأثير العثماني المتزايد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *