حدث في مثل هذا اليوم 19 مارس 1406، توفي العلامة عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، أحد أعظم المفكرين في التاريخ الإسلامي والعالمي، والمولود في تونس سنة 1332. يعد ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع، وهو أديب، فقيه، عالم رياضيات، سياسي، فيلسوف، رحالة، وقاضٍ، كما أنه أشهر من أرخ للأمازيغ وكتب عنهم بإسهاب.
ابن خلدون هو صاحب كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، الذي يتكون من عدة مجلدات، وأشهر أجزائه هي المقدمة التي أصبحت مرجعًا أساسيًا في علوم السياسة، الاقتصاد، العمران، والأهم من ذلك علم الاجتماع، مما جعله سابقًا لعصره وزمانه. وقد ترجمت المقدمة إلى أكثر من 140 لغة، لكن للأسف لم يُلتفت إلى أعماله من قبل المسلمين إلا بعد اهتمام الأوروبيين بها منذ قرنين فقط.
ورغم أن ابن خلدون ذكر بنفسه أن أصله حضرمي، فإن هناك من يؤكد على أصوله الأمازيغية، إذ يعتقد البعض أنه ادعى النسب العربي لتجنب اتهامه بالشعوبية، خاصة أنه انتقد العرب في بعض المواضع. كان شاهدًا على التغيرات العميقة التي شهدتها شمال إفريقيا في عصره، مثل الغزو الهلالي السليمي، وخراب العمران، وهو ما تحدث عنه في كتبه.
كان ابن خلدون فخورًا بأصله المغاربي حتى عند انتقاله إلى مصر، حيث لم يغيّر زيه وظل يرتدي البرنس المغاربي، كما أشار المؤرخ المعاصر له شمس الدين السخاوي بقوله:
“لم يغير زيه المغربي ولم يلبس زي القضاة في هذا البلد”.
من أقوى الإشادات بابن خلدون كانت من المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي الذي وصفه بأنه:
“أعظم مفكر ظهر في تاريخ البشرية”.
توفي ابن خلدون في القاهرة ودفن في مقابر المالكية في باب النصر، وقد كان لي الشرف بزيارة قبره المتواضع أكثر من مرة. رحم الله ابن خلدون، فقد كان علمًا من أعلام الفكر الإسلامي والإنساني.