حدث في مثل هذا اليوم 20 مارس 1956 إستقلال تونس، من الإستعمار الفرنسي ظروف دخول تونس تحت الحماية وحتى خروجها بالإستقلال هي سلسلة طويلة من المجهول يصعب فهما بشكل منطقي وتفكيكها بشكل عقلاني.
ولكن الذي يمكن أن إدراكه هو أن تونس خاضت أقل التجارب الدموية وعاشت فترة طويلة من الإستقرار تكونت من خلالها نخب وطنية كانت إمتداد للمصلحين الأوائل ولم تعرف تونس أي إنقلابات حقيقية طيلة الفترات السابقة ولم يمس نظامها التعليم وخلقت مؤسسات عريقة أدت إلى الإستقرار الذي تعيشه تونس اليوم.
لم تدخل دوامة العروبة (بالمعنى الهمجي الديماغوجي) حتى وقت متأخر ولم تظهر نتائجها إلا مع منصف المرزوقي وبقوة. إلا أن للتونسيين روح وطنية عالية وحب لكل ما هو تونسي ولأكادمييهم إنتماء في الغالب وطني وإن كان مشوب في غالبه بوهم العروبة إلا أنهم وبتجربة شخصية من أسهل ممن يمكن النقاش معه وتبادل الآراء معه ولو بإختلاف كلي. فقط لعامل التحصن بالعلم والمنطق.
بدون شك أن المنظومة التعليمية في تونس هي الأفضل بين دول الشمال إفريقيا فنيل شهادة الدكتوراة لا تكون إلا بجدارة تامة وهذا بدون شك بفضل إمتداد للمؤسسات العتيقة في البلاد، حتى في التعريب (نقصد به تعريب المناهج المدرسية ونحوها) تونس بدون شك لديها أنجح برنامج في المنطقة (وإن إختلفنا معه) بدون كثرة البهرجة، فعلا، خدموا اللغة العربية خلاف جارتيها ليبيا والجزائر مع كثرة الشعارات فهما لم يخدما العربية بأي شيئ يذكر.
حتى يومنا هذا لم ينل إخواننا الأمازيغ حقوقهم في تونس إلا أنهم بعد الثورة الأخيرة توسعت نشاطاتهم وتوسع عملهم حتى ترى وبشكل ملموس نظرة التونسي لذات ونزعه لثوب العروبة وإلتفاته لذاته، يسهل بكثير النقاش مع الشعب الواعي والمعتد بذاته أكثر بكثير من الحديث مع الجهل والإيديولوجية وهذا ما يسبب عراقيل في ليبيا والجزائر في نظري بعد إنتشار التشريق بينهم.
يظل أكبر تحدي في تونس وهو تحدي الإسلام السياسي المتمثل خصوصا في داعش والذي تحوم حولة في نظري الكثير من علامات الإستفهام، لماذا تونس بالذات ؟