حدث في مثل هذا اليوم، 6 فبراير 1947، توفي روبن هود الأمازيغي أحمد بلعيد، المعروف باسم حمد أومرّي، والذي وُلد في قمم جبال جرجرة في قرية آيت بو عدو يوم 25 أكتوبر 1911، في عائلة بسيطة، في ظل الاحتلال الفرنسي للجزائر.
من راعٍ فقير إلى مناضل ضد الاستعمار
بدأ حياته كراعٍ ثم عمل في جمع الحطب، ثم كصبي في الحمام العمومي، لكن الظروف القاسية دفعته إلى الالتحاق بالخدمة العسكرية الفرنسية رغم كرهه الشديد للاستعمار، فقط ليعيل عائلته الفقيرة. لكنه كان واعيًا بأن المستعمر هو سبب بؤس شعبه، لذلك لم يلبث طويلًا حتى فر من الجيش. تم اعتقاله وإرساله للخدمة في الصحراء، لكنه فر مجددًا سنة 1941، ليصبح رمزًا للمقاومة الفردية ضد الاحتلال، وأطلق عليه لقب “أومرّي” أي بعيد المنال.
أسطورة المقاومة و”روبن هود” الأمازيغي
عُرف حمد أومرّي بأسلوبه الفريد في مهاجمة الأثرياء، خاصة المتعاونين مع الاستعمار، وكذلك المستعمرين الفرنسيين، حيث كان يأخذ من الأغنياء ويعيد توزيع ما يحصل عليه على الفقراء، مما جعله بطلاً شعبيًا في أعين أبناء المنطقة.
كما كان يُمول دور إعانة أبناء الشهداء والأيتام بأساليب ذكية وخفية، رافضًا التربح الشخصي من عملياته ضد الاستعمار. ومع ازدياد شهرته، أصبح كابوسًا حقيقيًا للمحتلين الفرنسيين، إذ كانوا يبحثون عنه في كل مكان، بينما كان يعيش متخفيًا في الغابات، يتنقل باستمرار ولا يترك أثرًا.
الخيانة والاغتيال
استمرت مغامراته البطولية لسنوات، إلى أن خانته يد الغدر على يد أقرب أصدقائه، سعيد أوشل، الذي استدرجه بدعوة لتناول العشاء (وجبة كسكس) في قرية عزونن، وهناك غدر به، بإطلاق رصاصة غادرة عليه وهو يخبره أن العشاء جاهز.
إرث خالد في الذاكرة الشعبية
رغم مقتله الغادر، بقي حمد أومرّي حيًا في وجدان الأمازيغ، وتغنى به العديد من الفنانين، من بينهم مناد، وأيت منگلات، وكتب عنه الكثير من الشعراء والأدباء. أصبح رمزًا للثورة ضد الظلم، والفداء من أجل الفقراء، وشخصية نادرة لا تزال سيرته تلهم الأجيال حتى اليوم.
كم نحن بحاجة اليوم إلى ألف “أومرّي” ليعيدوا التوازن إلى عالم أرهقه الاستغلال والظلم!