وفاة الأمير عبدالقادر الجزائري

حدث في مثل هذا اليوم 26 مايو 1883 توفي الأمير عبد القادر الجزائري، المجاهد والعالم والزعيم السياسي، في منفاه بمدينة دمشق السورية، حيث قضى آخر سنوات حياته بعد مسيرة طويلة من الجهاد والمواقف السياسية والإنسانية التي خلدته في الذاكرة الإسلامية. وقد نُفي إلى دمشق برفقة أسرته بعد استسلامه للفرنسيين، ودفن فيها قبل أن يُعاد جثمانه إلى الجزائر بعد الاستقلال سنة 1965.

ولد الأمير عبد القادر سنة 1808 في منطقة القيطنة قرب مدينة معسكر، وتلقى علومه في بيئة دينية صوفية. وقد برز اسمه بعد الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830، حين بويع أميرًا للمقاومة سنة 1832، وقاد جهادًا منظمًا ضد الاحتلال الفرنسي لمدة أكثر من 15 سنة، متفوقًا في بعض المعارك ومهزومًا في أخرى، إلى أن استسلم رسميًا في مثل هذا اليوم 23 ديسمبر 1847.

رغم انتصاراته الأولية وتأسيسه لدولة منظمة ذات مؤسسات، إلا أن الأمير واجه صعوبات سياسية وعسكرية، منها:

  • التحالفات المعقدة بين الفرنسيين وبعض القبائل

  • تفاوت ميزان القوة العسكرية

  • وعوامل داخلية وخارجية أخرى، أدت في النهاية إلى استسلامه للجنرال الفرنسي لاموريسيار

رغم أن الأمير عبد القادر استسلم للفرنسيين وعاش بعد ذلك حياة مريحة نسبيًا في دمشق، حيث كان موفور الحال ويستقبل زوارًا كبارًا من الغرب والشرق، إلا أن الدولة الجزائرية الحديثة اتخذته رمزًا وطنيًا، مما أثار جدلًا تاريخيًا كبيرًا بين من:

  • يعتبرونه بطلاً وموحدًا ورجل دولة سابقًا لعصره

  • وبين من ينتقدون تضخيم صورته، متسائلين عن سبب شهرته رغم وجود مجاهدين كثر قاتلوا حتى آخر رمق ولم يُعرف لهم استسلام ولا تراجع، أمثال الأمير بوبغلة، فاطمة نسومر، الشريف بوبكر، الحاج المقراني، ولزرق بن مهني وغيرهم.

ما يجعل الأمير عبد القادر مثار جدل دائم هو أنه لم يكن فقط مجاهدًا عسكريًا، بل رجل سياسة وفكر أيضًا، وهو ما جعل البعض ينظر إلى استسلامه كخيار سياسي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد انهيار القوى العسكرية والقبلية من حوله، في حين يراها آخرون تخليًا مبكرًا عن قضية لم تنتهِ بعد.

ما لا يختلف عليه كثيرون هو أن الأمير عبد القادر لعب دورًا إنسانيًا نادرًا في حماية المسيحيين في دمشق سنة 1860، عندما أنقذ آلاف الأرواح من مجازر طائفية، وهو ما نال بسببه احترامًا عالميًا وتقديرًا رسميًا من دول أوروبية والفاتيكان.

توفي الأمير عبد القادر في 26 مايو 1883 بدمشق، ودفن فيها أولًا، ثم نُقل جثمانه إلى مقبرة العالية بالجزائر سنة 1965.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *