حدث في مثل هذا اليوم 1 سبتمبر 1217، توفي عبدالحق الأول، المؤسس الفعلي لدولة بني مرين (آت مارين)، وهو أحد أعظم الشخصيات الأمازيغية التي صنعت ملاحم الاستقرار والعدالة في تاريخ شمال إفريقيا.
وُلد عبدالحق سنة 1147 في نواحي گرسيف شمال المغرب اليوم، وكان اسمه الكامل عبدالحق ميس محيو ميس حمّا ميس وزريس ميس فجوس مي جرماط ن آت مارين. ينحدر من أسرة أمازيغية عريقة، وكان جده زعيمًا مهابا تجمع حوله العديد من القبائل الأمازيغية، ما جعلهم يشكّلون قوة ضاغطة على دولة الموحدين في أواخر عهدها.
تأسيس الدولة المرينية:
يُعتبر عبدالحق الأول المؤسس الحقيقي لدولة بني مرين، الدولة التي تميزت عن غيرها من الدول التي سبقتها في المنطقة، كالدولة المرابطية والموحدية، بعدم تبنيها أي شعار ديني متشدد، بل قامت على أسس مدنية وقبلية عادلة، جعلت من العدل والاتحاد بين القبائل مبادئها الراسخة.
خصائص الدولة المرينية:
-
امتدت دولتهم من مصراتة شرقًا إلى تخوم الأندلس شمالًا وبلاد موريتانيا جنوبًا.
-
ضمنت الحريات الدينية، حيث نعم اليهود والمسلمون بالعدل في ظل الدولة.
-
عُرفت بفترة من الازدهار الاقتصادي والثقافي والعمراني، وتم خلالها:
-
تحسين الطرق التجارية وتأمينها.
-
بناء الحصون والقناطر.
-
إقامة نظام للبريد.
-
العناية بالصحة والتعليم.
-
تأسيس المدارس وتوسيع القائم منها.
-
تشجيع العلوم والفنون، مع كبح جماح التعصب الديني والمذهبي.
-
إشادة المؤرخين:
-
تحدث عنهم ابن خلدون بإسهاب، حيث عاش فترة من حياته في كنف هذه الدولة.
-
امتدحهم أيضًا كل من ابن الخطيب وابن بُنا المراكشي، واعتبروا دولتهم استمرارًا لروح الأندلس، ووصفوها بأنها وريثة “النعيم المفقود” بلا منازع.
نهاية مأساوية:
رغم حنكته السياسية وإيمانه بالتعايش، قُتل عبدالحق الأول غدرًا على يد عرب رياح الذين كان قد ضمهم لحكمه، وقرّبهم ورفع من شأنهم. وقعت الحادثة في وادي سبو قرب تافرطاست، لتطوى صفحة مؤسس إحدى أعظم دول المغرب الكبير وأكثرها عدلًا واستقرارًا.
إن ذكرى وفاة عبدالحق الأول هي مناسبة لاستحضار قيم العدل، والوحدة، والنهضة الأمازيغية التي كانت في جوهر مشروعه السياسي، ولتذكّر دور الأمازيغ في بناء حضارات مغاربية لم تُؤسس على القمع أو الشعار الديني، بل على الوعي السياسي والانتماء للأرض.