حدث في مثل هذا اليوم 7 مايو 1902، وقعت معركة تينيسا الشهيرة قرب قرية تيت، على بعد حوالي 40 كيلومترًا من تمنغست، بين فرسان الطوارق (إموهاغ) وجيش الاحتلال الفرنسي، في واحدة من أكثر المعارك بطولية ودموية في تاريخ مقاومة الهقار.
خلفية المعركة:
جاءت هذه المعركة كمحاولة فرنسية ثانية للتوغل في أقصى الجنوب الجزائري بعد فشل حملة فلاتيرس سنة 1881، التي تصدى لها الأمنوكال أهيتاغل وأمر بتراجعها، فيما كانت تينيسا سنة 1902 أول معركة يُمنى فيها الطوارق بهزيمة عسكرية فعلية، نتيجة عدم تكافؤ في العدة والعتاد.
شرارة المعركة:
بدأت التحركات الفرنسية بقيادة العقيد كوتينيس، الذي أرسل محمد أق مسيس لجمع المعلومات عن الطوارق ومواقعهم، غير أن الأخير وقع في يد المجاهد بابا أق تماكلاس، الذي كشف نواياه وأخذ منه العتاد والمؤونة، وقال له بشجاعة:
“أخبر الفرنسيين بما فعلته بك”، ثم عاد أدراجه نحو الهقار.
عند علمه بالحادثة، قاد كوتينيس حملة انتقامية انطلقت من عين صالح يوم 23 مارس، مرّت بعدة مناطق منها أدلس، أميدر، تافدست، تاظروك، وتغهوهوت، وصولًا إلى تمنغست يوم 5 مايو، ومنها تحرّك يوم 7 مايو صوب تيت بحثًا عن بابا أق تماكلاس.
مجريات المعركة:
عند وصول القوات الفرنسية إلى تينيسا، هاجمتها فرقة من الطوارق يقودها سيدي محمد أق عثمان، واندلعت المعركة في وادي أمتغ، واستمرت حوالي خمس ساعات، أُصيب خلالها كوتينيس في كتفه، وسقط العديد من الشهداء الطوارق في ميدان الشرف، يقاتلون بالرماح والسيوف ضد البنادق والمدافع الفرنسية الحديثة.
نتائج وتبعات:
-
انهزم الطوارق في المعركة بسبب عدم التكافؤ العسكري، لكنها كانت مقاومة بطولية تسجل بفخر في تاريخ الأهقار.
-
شكّلت معركة تينيسا بداية اختلال ميزان القوى لصالح المستعمر الفرنسي، ما سهل له التوغل والسيطرة على المنطقة تدريجيًا.
-
لكنها أيضًا كشفت شجاعة وصمود الطوارق، وتمسكهم بأرضهم وكرامتهم رغم التفوق العسكري الفرنسي الساحق.
رمزية الحدث:
معركة تينيسا لم تكن مجرد معركة عسكرية، بل نقطة تحول في مسار المقاومة في الأهقار، جمعت بين بسالة المقاومين ومكر المستعمر، وتُعد من أهم المعارك المنسية في التاريخ الجزائري الجنوبي، ومن الواجب إحياؤها في الذاكرة الجماعية تكريمًا لمن سقطوا شهداء في سبيل الأرض والحرية.