حدث في مثل هذا اليوم 19 مايو 1910 تم ترسيم الحدود بين ليبيا وتونس، وهي نفس الخطوط المستعملة حتى اليوم. جاء هذا الترسيم كنتيجة لاتفاقات بين الدولة العثمانية التي كانت تسيطر على ليبيا آنذاك، والاستعمار الفرنسي في تونس، حيث تم تحديد النقاط الحدودية وتقسيم بعض المناطق المشتركة.
نكبة لجنة ترسيم الحدود التونسية الطرابلسية 1910م:
عرفت هذه المرحلة تاريخيًا بـ نكبة لجنة ترسيم الحدود التونسية الطرابلسية، التي تم تشكيلها سنة 1910م. كان من أبرز نتائجها اقتطاع وضم جزء من أراضي نفوسا التاريخية إلى مستعمرة تونس، في إطار توسع فرنسا في مستعمرتها على حساب الأراضي النفوسية.
في السابق، كانت أراضي تونس تقف عند وادي داغسن، وكل ما يأتي بعده كان يتبع جبل نفوسة والأيالة الطرابلسية، لكن اللجنة أعادت رسم الحدود بما يخدم مصالح المستعمر الفرنسي، مقتطعة مساحات واسعة من الأرض التي تعود ملكيتها التاريخية للنفوسيين.
تهميش أصحاب الأرض:
المثير للدهشة هو أن لجنة الترسيم لم تضم أي عضو من أصحاب الشأن النفوسيين، ما دفع الحاج عبد الله شيخ وازن أواخر سنة 1910م لتقديم تظلمات متكررة للجنة بهدف حماية أراضي قبيلته في المرطبة وأم زقار من الاقتطاع، لكن دون جدوى.
كتب أحد المؤرخين الأوروبيين عن ذلك الموقف:
“كان الحاج عبد الله شيخ وازن أواخر سنة 1910م يدعو بلا جدوى هيئة تحديد الحدود بين ليبيا وتونس لتقوم بعملها على الطبيعة وتنقذ أراضي قومه من كارثة ضمها لمستعمرة تونس. وقد كان يسعى أمام خيمة اللجنة بوريقات بالية توضح ملكية قومه للمرطبة وأم زقار، وقضى أياماً وهو ينام بجوار خيام اللجنة. إلا أن أنين وشكوى الشيخ المسكين، إضافة إلى الهم والحسرة، لم تمنع المسيو لي بوف من ضم أراضي وازن للمستعمرة الفرنسية في تونس، ولم تحرك الأصداء الأليمة أي ساكن تحت سماء طرابلس الزرقاء الصافية، وذهبت آلامه وشكواه طي النسيان…”
تشكيلة لجنة ترسيم الحدود:
تضمنت اللجنة مجموعة من الشخصيات الفرنسية والعثمانية، دون أي تمثيل لأبناء نفوسة، وجاءت أسماؤهم كالتالي:
-
الشيخ محمد الصغير المقدميني – قاضي تطاوين
-
الملازم طارق
-
Capitaine Meullé Desjardins
-
جمال باي
-
داوود أفندي
-
M. Michal
-
سالم أفندي
-
Commandant Jules Le Boeuf
-
رشيد باي
-
M. Desportes de la Fosse
-
توفيق باشا
تسمية “رأس اجدير”:
يجدر التنبيه إلى أن الاسم الوارد في الخريطة حينها كان “رأس اجدير” بالألف، وهو الاسم الأمازيغي الصحيح. وكلمة “اجدير” ليست غريبة عن شمال إفريقيا، بل هي تكرار لاسم معروف في أكثر من منطقة؛ أشهرها أكادير في المغرب، التي تحمل ذات الدلالة اللفظية في الأمازيغية، وتعني السور أو الحصن.
إرث تاريخي مرير:
مثلت تلك النكبة خسارة تاريخية كبيرة لجبل نفوسة، حيث اقتطعت الأراضي وضمّت للمستعمرة التونسية، دون مراعاة لحقوق السكان الأصليين أو ملكياتهم التاريخية. وظلت آثار هذه النكبة حاضرة في ذاكرة أبناء المنطقة، مؤرخة لمرحلة من الظلم والاستعمار.