حدث في مثل هذا اليوم 1 يونيو 2014، وفاة الفنانة الأمازيغية الرائعة نورة، واسمها الحقيقي فاطمة الزهراء باجي، في العاصمة الفرنسية باريس بعد معاناة مع المرض، وتم نقل جثمانها إلى الجزائر حيث ووريت الثرى في مسقط قلبها، لتغادر الساحة الفنية واحدة من أنقى الأصوات وأكثرها تأثيرًا في الوجدان الأمازيغي والجزائري عمومًا. رحمها الله.
وُلدت نورة سنة 1942 في قرية قريبة من شرشال، وسط أسرة كبيرة محدودة الإمكانيات، لكنها سرعان ما أظهرت موهبتها الصوتية، حيث بدأت مشوارها الفني في سن مبكرة كمذيعة لبرنامج أطفال، ليتم اكتشافها لاحقًا من خلال الإذاعة الجزائرية، التي كانت آنذاك المنصة الكبرى لاكتشاف المواهب.
نورة تُعدّ أول امرأة أمازيغية تتحصل على جائزة القرص الذهبي إلى جانب عملاق الأغنية الأمازيغية سليمان عازم، وذاع صيتها في الجزائر وخارجها، وظهرت في أهم الصحف والمجلات العربية والعالمية، كواجهة مشرقة للمرأة الأمازيغية الفنانة، والمثقفة، والمبدعة.
غنت نورة بكل الألوان الفنية، فبرعت في الأغنية الأمازيغية والعربية على حد سواء، واشتهرت بقدرتها المذهلة على التلوين الموسيقي والتجديد، وكان زوجها الملحن كمال حمادي شريك دربها الفني، حيث وضع ألحان عدد كبير من أغانيها، وكان عازفها ومرافقها الدائم في المسارح والاستوديوهات.
رصيد نورة الفني يتجاوز 500 أغنية، منها ما هو شعبي، ومنها الطربي، ومنها ما يدخل في خانة الأغنية الوطنية والوجدانية، وقد قامت بإحياء حفلات في العديد من الدول، وكانت من أوائل الفنانات الجزائريات اللواتي سجلن ألبوماتهن في استوديوهات متطورة بالخارج.
عادت إلى الجزائر بعد الاستقلال، لكنها واصلت تنقلها الدائم بين الجزائر وفرنسا حفاظًا على جودة الإنتاج، وتم تكريمها من قبل وزارة الثقافة الجزائرية، التي أصدرت ألبومًا ذهبيًا يضم كامل أغانيها، وتحتفظ مؤسسة تاوالت الثقافية بنسخة منه، كما تحتفظ بفستانها الذي كانت ترتديه أثناء تأدية حفلاتها الغنائية، تخليدًا لذكراها الفنية والإنسانية.
نورة لم تكن مجرد صوت جميل، بل كانت جسرًا بين الثقافتين الأمازيغية والعربية، ورمزًا للمرأة التي فرضت نفسها في زمن كان فيه الظهور صعبًا على النساء. صوتها ما زال يرن في الأذهان، واسمها محفور في الذاكرة الثقافية الجماعية.