حدث في مثل هذا اليوم 30 مايو 1837، تم توقيع معاهدة تافنة بين الأمير عبد القادر الجزائري والجنرال الفرنسي توماس روبير بيجو في منطقة تافنة القريبة من تلمسان، وذلك بعد سلسلة من الانتصارات التي حققها المجاهدون الجزائريون خاصة في مناطق جرجرة والأوراس ضد الاحتلال الفرنسي.
جاءت المعاهدة في لحظة فارقة، بعد أن أدركت فرنسا أن كلفة التوسع العسكري باتت باهظة، ففضلت الدخول في اتفاق مؤقت. وقد اعترفت فرنسا بموجب المعاهدة بسيادة الأمير عبد القادر على أجزاء واسعة من الجزائر الداخلية، مقابل اعترافه النظري بسيادة الإمبراطورية الفرنسية في إفريقيا، وهو ما سمح له بإقامة ما أصبح يُعرف لاحقًا بـ”إمارة الجزائر”.
من أبرز شروط المعاهدة:
-
عدم امتلاك الأمير للسلطة على المسلمين القاطنين في الأراضي الخاضعة لفرنسا، وسُمح للفرنسيين بالإقامة داخل حدود إمارة الأمير.
-
التزام الأمير بدفع ضرائب عينية لفرنسا، تمثلت في ثلاثين ألف كيلة من الحنطة ومثلها من الشعير وخمسة آلاف رأس من البقر، تُسلّم في مدينة وهران على ثلاث دفعات.
-
احترام متبادل بين المسلمين والفرنسيين، حيث نصت المعاهدة على أن “يُكرم الفرنسويون عند العرب كما يُكرم العرب عند الفرنسويين”، وضمان حماية ممتلكات الفرنسيين في أراضي الأمير.
-
عدم منح أي دولة أجنبية منفذًا على الشاطئ دون إذن من فرنسا.
-
حصر عمليات بيع وشراء المحاصيل في الأسواق الخاضعة للسيطرة الفرنسية.
رغم ما أظهرته المعاهدة من مرونة سياسية لدى الأمير عبد القادر، فقد كانت معاهدة غير متكافئة وذات طابع استعماري واضح. لكنها شكلت في المقابل فرصة للأمير لترتيب شؤون الدولة وتحصين الجبهة الداخلية، قبل أن تعود فرنسا وتتنصل منها لاحقًا، وتستأنف حملاتها العسكرية الشرسة ضده.