حدث في مثل هذا اليوم 1 يونيو 1988، شرع عالم اللسانيات الأمازيغي كمال أيت زراد في مشروعه الضخم لتصنيف الجذور اللغوية للأمازيغية، تحت عنوان “Dictionnaire des racines berbères” (معجم الجذور الأمازيغية)، وهو من أضخم المشاريع المعجمية في تاريخ اللغة الأمازيغية، ويهدف إلى بناء مرجعية لسانية دقيقة وشاملة لهذه اللغة العريقة.
حتى الآن، أصدر كمال أيت زراد أربعة مجلدات من هذا العمل الموسوعي، وأخبرني شخصيًا أنه يتوقع إنجاز ما لا يقل عن سبعة عشر مجلدًا آخر، وهو ما يعكس ضخامة المشروع وصعوبة المهمة التي تطلّبها هذا التصنيف الجذري، نظرًا لتشعب اللهجات والتوزع الجغرافي الواسع للغة الأمازيغية.
هذا المشروع ليس مجرد تجميع كلمات، بل هو عمل تأسيسي عميق يسعى لإرساء أسس علمية دقيقة لتصنيف الجذور وبناء منظومة معجمية منسجمة، تُساعد في تطوير اللغة الأمازيغية أكاديميًا وتعليميًا وتكنولوجيًا. ويتطلب نجاحه تكافل جهود الباحثين والمؤسسات اللغوية والثقافية، ليُصبح مرجعًا رسميًا لجميع المتخصصين والمدرسين والمهتمين.
كمال أيت زراد ليس فقط عالم لسانيات بارز، بل هو أيضًا مناضل ملتزم على أرض الواقع، يجمع بين العمل المخبري الأكاديمي والنشاط الميداني في دعم الأمازيغية ونشرها. لقد شارك في عدة مؤتمرات دولية ومبادرات لغوية كبرى، وساهم في مشاريع الترجمة والتقعيد والمصطلحية، مما يجعله أحد الركائز المعاصرة في النهوض باللسانيات الأمازيغية.
وسوف نعود للحديث عن مسيرته وسيرته العلمية في ذكرى ميلاده، لما له من مكانة خاصة في تاريخ الفكر الأمازيغي المعاصر، فهو بالفعل رجل علم ونضال، لا يكتفي بالتنظير، بل يمضي بثبات في بناء ما هو ضروري للأجيال القادمة.