حدث في مثل هذا اليوم 14 أبريل 1182م، تم افتتاح جامع إشبيلية الكبير، أحد أعظم معالم العمارة الإسلامية في الأندلس، وذلك بعد عشر سنوات من البناء المتواصل، في عهد أبو يعقوب يوسف المنصور، أحد أعلام الدولة الموحدية. وقد شُيّد الجامع على الطراز الشمال إفريقي الأمازيغي المميز، بمئذنته المربعة الشهيرة، التي أصبحت لاحقًا رمزًا معماريًا عالميًا.
البناء والأصل المعماري
-
استُقدم لبناء الجامع أمهر العمّال والبنّائين من المغرب والجزائر، وخصوصًا من الجنوب الشرقي للمغرب، حيث تتشابه هندسة الجامع مع الطراز الأمازيغي التقليدي للقصبات في تلك المناطق.
-
ويُعزى هذا إلى أن الموحدين انطلقت حركتهم من هذه الجهة الجبلية، وبنوا على نفس الطراز لاحقًا في الرباط، مراكش، وتينملل.
-
تم تشييده ليكون أكبر بناء ديني في أوروبا في العصور الوسطى، بشهادة العديد من الرحالة، ومنهم من وصف مئذنته بأنها “الأطول والأكثر روعة في الغرب الإسلامي آنذاك”.
أهمية المئذنة
-
تُعد مئذنة جامع إشبيلية (التي عُرفت لاحقًا بـ “الخيرالدا – Giralda”) تحفة هندسية فريدة، وبلغ ارتفاعها حينها أكثر من 70 مترًا، ما جعلها أطول مئذنة في أوروبا في تلك الفترة.
-
المئذنة مبنية على نمط المآذن المغربية – الأمازيغية المربعة، وهو الطراز الذي سيطر على عمارة الغرب الإسلامي لقرون.
التحول إلى كنيسة
-
بعد سقوط إشبيلية في يد القشتاليين بقيادة فرناندو الثالث سنة 1248م، تم تحويل الجامع إلى كاتدرائية، هي اليوم “كاتدرائية سانتا ماريا دي لا سيد”.
-
تعرض الجامع لاحقًا لعدة تهديمات وإعادة بناء، ولم يبقَ منه اليوم سوى المئذنة الأصلية التي ما تزال قائمة حتى اليوم، وقد أُضيف إليها جرس ضخم خلال العصور المسيحية، لكنها لا تزال تحمل روح العمارة الموحدية الأمازيغية الأصيلة.
رمزية الحدث
افتتاح جامع إشبيلية الكبير لم يكن مجرد بناء ديني، بل كان إعلانًا عن ازدهار حضارة الغرب الإسلامي، وتأكيدًا على قوة الدولة الموحدية التي امتد نفوذها من أعماق الصحراء المغربية حتى قلب الأندلس.
كما أن المزج بين الفن الأمازيغي الشمالي الإفريقي وروح الأندلس أعطى لهذا المعلم طابعًا فنيًا وإنسانيًا فريدًا، لا يزال أثره واضحًا حتى اليوم.