حدث في مثل هذا اليوم 16 أبريل 1690، حلّ الإمام الحسن اليوسي، أحد أعظم أعلام الصوفية والعلم والتأريخ في المغرب الكبير، في مدينة طرابلس عائدًا من رحلة حجه المباركة، وذلك استجابةً لإلحاح أهل المدينة وطلبهم أن يُقيم بينهم معلّمًا ومرشدًا. وقد كان لقدومه أثر بالغ في الحركة العلمية والدينية بطرابلس، حيث تتلمذ على يديه عدد من العلماء، أبرزهم الرحالة الشهير العياشي صاحب الرحلة العياشية.
من هو الإمام الحسن اليوسي؟
-
اسمه الكامل: الحسن بن مسعود بن محمد اليوسي، نسبة إلى قبيلة آيت يوسي الأمازيغية في الأطلس المتوسط.
-
وُلد في قرية آيت يدلا، وترعرع في بيئة علمية وصوفية، تنقل بين سجلماسة ودرعة ومراكش وفاس، حيث استقر لفترة طويلة مدرسًا وشيخًا ومرشدًا.
-
لُقّب بـ**”غزالي عصره”** نظرًا لعمق فكره الصوفي والفلسفي، وقال فيه العياشي:
“من فاته صحبة الحسن البصري، فليصحب اليوسي يكفيه.”
إقامته في طرابلس
-
جاء إلى طرابلس الغرب بعد أداء مناسك الحج، مرورًا بالحجاز ومصر.
-
كان مجيئه في هذه الفترة محطة علمية وروحية كبرى في المدينة، حيث أعاد للعلم الصوفي والشرعي وهجه وعمقه الروحي.
-
ألقى دروسًا وخطبًا وأشرف على حلقات علمية حضرها علماء ومتصوفة وطلبة علم.
-
كان تأثيره كبيرًا لدرجة أن بعض المؤرخين الليبيين اعتبروا مقامه القصير في المدينة حدثًا بارزًا في سجلها العلمي.
وفاته ومقامه
-
عاد إلى المغرب الأقصى بعد مدة قصيرة، لكنه توفي بعد عام واحد فقط، سنة 1691م.
-
دفن في تمزيزيت قرب صفرو، وقبره لا يزال مزارًا معروفًا يُقصده الناس للزيارة والترحم عليه.
مؤلفاته
-
له عدة كتب في الفقه، والتصوف، والتفسير، والسيرة، والنقد الاجتماعي، أشهرها:
-
“المحاضرات”
-
“زهر الأكم في الأمثال والحكم”
-
“رسائل اليوسي”
-
-
الكثير من مؤلفاته لا تزال مخطوطة، وبعضها توفي قبل أن يتمه.
حول المقولة الشهيرة
ينسب البعض إليه المقولة التي طالما نُسبت لابن خلدون:
“البربر يلبسون البرنس، ويأكلون الكسكس، ويحلقون الرؤوس.”
ويُرجّح أن اليوسي هو من جمع هذا الوصف في إحدى كتاباته الشعبية التهكمية أو النقدية الذاتية، إذ كان معروفًا بأسلوبه اللاذع في بعض النصوص التي ينقد بها المجتمع والبنية الثقافية والسياسية بجرأة نادرة.
ملاحظة تاريخية
هناك من رجّح أن دخوله طرابلس كان في شهر مايو، لكن هذا التاريخ ثبت أنه مبني على حسابات فلكية وتقديرات غير دقيقة، والصحيح، كما تؤكده المصادر الدقيقة وتقديرات الترحال، أنه دخل طرابلس في 16 أبريل 1690، في هذا اليوم المبارك من الربيع.
لقد كان الإمام الحسن اليوسي علَما أمازيغيا شامخا، جمع بين العلم والزهد، والرحلة والكتابة، والروح والمعرفة، وترك إرثا لا يُقدّر بثمن في سجل الفكر الأمازيغي الإسلامي المغاربي.