ميلاد الأستاذ ابراهيم شريفي

حدث في مثل هذا اليوم 20 سبتمبر 1965، وُلد الأستاذ الدكتور إبراهيم شريفي في قصر آث يزجن، بوادي مزاب، ولاية غرداية، الجزائر. وهو باحث أكاديمي ومؤرخ أمازيغي، تخصص في الأنثروبولوجيا التاريخية والثقافية، ويُعدّ من أبرز من أعادوا النظر في الروايات الاستشراقية حول مجتمع مزاب.

من التعليم إلى النضال الثقافي

نشأ الدكتور إبراهيم شريفي في بيئة علمية ودينية تقليدية، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بين المدارس الرسمية والحرّة في بلدته. انتقل بعد ذلك إلى الجزائر العاصمة لمواصلة دراسته الجامعية، وهناك برز كناشط ثقافي ضمن الحركة الطلابية الأمازيغية، وكان أحد مؤسسي مجلة “تيفاوت” الثقافية في أواخر الثمانينيات، مع نخبة من الطلبة المزابيين، منهم: المهندس بهون يوسف، والأستاذ محمد دبوز، والأستاذ بنكيح قاسم.

من الجزائر إلى باريس

في سنة 1990، انتقل الدكتور شريفي إلى فرنسا، حيث بدأ مسيرته البحثية العليا، وشارك في عدة ملتقيات علمية حول صدر الإسلام، أشرفت على بعضها الباحثة جاكلين شابي Jacqueline Chabbi، التي أشرف معها على رسالته للماجستير حول الطبري وكتابه “تاريخ الرسل والملوك”.

كانت له أيضًا لقاءات علمية وفكرية مع الأستاذ المرحوم عبد الرحمان حواش، سواء في باريس أو عند عودته إلى مزاب، وكان أول لقاء بينهما في أواخر الثمانينيات، خلال نضاله الثقافي كطالب.


كتابه المرجعي: مزاب – Le Mzab

في أكتوبر 2015، صدر للدكتور إبراهيم شريفي كتابه المرجعي “مزاب – Le Mzab” باللغة الفرنسية، عن منشورات Ibadica، وهو في الأصل رسالة دكتوراه ناقشها يوم 10 ديسمبر 2003، وجاء في 512 صفحة من الحجم المتوسط.

يتناول الكتاب:

  • إعادة قراءة التاريخ الأنثروبولوجي والثقافي لمزاب.

  • نقد الأدبيات الاستعمارية التي راجت نهاية القرن 19.

  • تفنيد الروايات المتداولة حول إعادة إعمار وادي مزاب في القرن 11.

  • دراسة البنية الاجتماعية والعرفية والعشائرية في مزاب.

  • دور المؤسسة الدينية في التنظيم الاجتماعي والسياسي.

  • تحليل نشأة النشاط التجاري المزابي وامتداداته.

  • رصد وضعية المرأة وعلاقتها بالمنظومة الاجتماعية.

  • تسليط الضوء على الممارسات الطقسية والعادات والتقاليد المتوارثة.

وقد تميّز هذا العمل بالصرامة العلمية، والتأصيل التاريخي، والروح النقدية التي تسعى إلى تحرير الذاكرة الجماعية المزابية من قوالب الاستشراق الاستعماري.


إرثه الفكري

يرى الدكتور شريفي أن مزاب لم يكن يومًا منغلقًا، بل كان دائمًا رافدًا ثقافيًا فاعلًا في الجزائر وتمازغا الكبرى، يتميز بقدرته على التكيّف والانفتاح مع الحفاظ على خصوصيته. وهو يدعو إلى فهم معمق لمجتمع مزاب بوصفه كيانًا ديناميكيًا لا جامدًا.

وإلى اليوم، يُعدّ الدكتور إبراهيم شريفي أحد أبرز الأصوات العلمية الأمازيغية المدافعة عن المعرفة الدقيقة والمتحررة من الروايات الجاهزة، وهو يواصل حضوره الأكاديمي في الجامعات الفرنسية والملتقيات الدولية، باحثًا وكاتبًا ومحاضرًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *