حدث في مثل هذا اليوم 21 أغسطس 2016، رحلت عن عالمنا عائشة دادي عدون، إحدى النساء الأمازيغيات الجزائريات الرائدات في مجالات الصحة، والبحث الاجتماعي، والعمل السياسي. وُلدت في 18 سبتمبر 1930 ببولوغين (سانت أوجان سابقًا) بالعاصمة الجزائرية، وهي من أصول مزابية إباضية، ونشأت على ارتباط وثيق بجذورها في منطقة مزاب بفضل والدها محمد بن سعيد دادي عدون، الذي رسّخ في أبنائه الفخر بالهوية والثقافة الأمازيغية.
من القابلة إلى الباحثة والناشطة
بعد زواجها وانتقالها إلى المغرب، وإنجابها لثلاث بنات، واجهت عائشة تحديات كبرى بعد طلاقها، لكن بدعم أسرتها تابعت دراستها في إنجلترا حيث تخرجت قابلة قانونية، ثم عادت إلى الجزائر لتخدم وطنها في وقتٍ كانت نسبة وفيات الأطفال مرتفعة. وفي بريان بولاية غرداية، أسّست أول مركز للأمومة لتوعية النساء صحياً واجتماعياً.
الكتابة والعمل البلدي
في السبعينيات، دخلت مجال الكتابة والبحث السوسيولوجي، وركزت أعمالها على المرأة المزابية وتاريخ الإباضية في الجزائر، وأصدرت كتابًا في 1977 ما زال مرجعًا هامًا في مجاله. كما خاضت العمل البلدي والسياسي، وفازت في انتخابات المجلس الشعبي البلدي بالأغواط عام 1969، وكانت مدافعة شرسة عن حقوق الفئات المتضررة من سياسات الدولة في الثورة الزراعية.
من مزاب إلى جنيف
نتيجة الضغوط، غادرت بريان عام 1974 متوجهة إلى سويسرا، حيث استقرت في جنيف وواصلت مسيرتها العلمية، وحصلت على دكتوراه من جامعة جان مولان الثالثة حول سلطنة عمان الإباضية، ونالت عنها درجة مشرف جدًا.
وصيتها ورحيلها
قالت في إحدى مقولاتها:
“العالم الحالي معقد للغاية، مادي ومهدر، بينما يمكن للمرء أن يعيش حياة بسيطة وذات مغزى.”
توفيت عائشة دادي عدون في 21 أغسطس 2016، عن عمر ناهز 86 عامًا، ودُفنت في مقبرة جنيف بناءً على وصيتها، في قبرٍ خُلطت فيه تربة من مزاب، وسلطنة عمان، وسويسرا، رمزًا لمحطات حياتها الكبرى.
إرثٌ لا يُنسى
ستبقى عائشة دادي عدون اسمًا لامعًا في تاريخ المرأة الأمازيغية، وصوتًا حرًا ناضل من أجل التعليم، والصحة، والهوية. لقد تركت أثرًا خالدًا في الذاكرة الجماعية لشعوب تامزغا، ورسخت مكانتها كواحدة من النساء الحرائر اللواتي سبقن زمنهن بفكرهن وشجاعتهن.