اغتيال الامام عبد السلام بن مشيش

حدث في مثل هذا اليوم 15 يونيو 1227، استشهد الإمام والعالم المتصوف عبد السلام بن مشيش، في واحدة من أكثر الوقائع غموضًا في تاريخ التصوف المغاربي، وذلك خلال عهد الدولة الموحدية، حيث اتُّهم باغتياله رجل يُدعى ابن أبي الطواجن، استغل لحظة تجهيز الإمام للوضوء قبيل صلاة الفجر لينقض عليه ويغدر به.

وُلد عبد السلام بن مشيش في قبيلة بني عروس الواقعة قرب مدينة طنجة، في بيئة جبلية زاخرة بالتدين والزهد. وعلى الرغم من أن أتباعه نسبوه لاحقًا إلى آل البيت النبوي، فإن عددًا من الباحثين والمؤرخين المدققين يؤكدون أنه أمازيغي الأصل، ويستدلون على ذلك بسلسلة نسبه التي تحوي أسماء أمازيغية واضحة، مثل اسم جده “مزوار”، وهو اسم أمازيغي شائع. ويُعتبر هذا التقديس القائم على “الانتساب الشريف” من الظواهر المتجذّرة في الثقافة الدينية المغربية، خصوصًا في أوساط المتصوفة، حيث يُلصق النسب النبوي غالبًا بكل من اشتهر بالورع والصلاح.

كان ابن مشيش إمامًا زاهدًا، وعالمًا راسخًا، وأستاذًا للشيخ أبي الحسن الشاذلي، مؤسس الطريقة الشاذلية، التي انتشرت لاحقًا في أنحاء واسعة من العالم الإسلامي، وتُنسب للرسول كذلك من حيث السلسلة الروحية. ويُجمع مؤرخو التصوف على أن ابن مشيش كان مُعلم الشاذلي الأول، ومصدر إشراقه الروحي.

مكانة ابن مشيش الروحية عظيمة في بلاد المغرب الكبير، إذ يُزار ضريحه في جبل العلم قرب تطوان، ويُعدّ مزارًا مهمًا لأتباع الطرق الصوفية، وله أوراد وصلوات منسوبة إليه، أشهرها الصلاة المشيشية التي تُتلى في مجالس الذكر والمديح النبوي. كما أن له أتباعًا ومريدين في ليبيا، خاصة في مدينة طرابلس، حيث تُنسب له فرق صوفية موسيقية تعنى بالمديح النبوي وتحمل اسمه.

إن ابن مشيش لم يكن مجرد متصوف، بل مدرسة صوفية كاملة المعالم، جمعت بين الزهد، والعلم، والتأثير الروحي العميق، وظل ذكره حيًا في الذاكرة الجماعية لشعوب المنطقة، يُردد اسمه في الذكر والصلوات، ويُنظر إليه كـقطب رباني في موروث التصوف الأمازيغي المغاربي.

One thought to “اغتيال الامام عبد السلام بن مشيش”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *