وفاة الأستاذ يحيى بكّوش

حدث في مثل هذا اليوم 17 فبراير 2014، انتقل إلى رحمة الله الأستاذ الشيخ بكوش يحيى بن محمد، أحد كبار مشايخ وادي مزاب، ولاية تغردايت (غرداية)، تاركًا وراءه إرثًا علميًا غنيًا في مجالات الفقه والقانون.
وُلد الشيخ بكوش يحيى بن محمد سنة 1932 في غرداية، حيث تلقى تعليمه الابتدائي، وحفظ القرآن الكريم، وواصل دراسته في معهد الحياة الثانوي بالقرارة. مع انطلاق الثورة التحريرية، انضم إلى جبهة التحرير الوطني في قسنطينة، وتم إرساله إلى تونس لمتابعة دراسته، حيث نال الشهادة العالمية في الشريعة الإسلامية من جامع الزيتونة.
بعدها، انتقل إلى العراق لمواصلة تعليمه، حيث حصل على بكالوريوس في الحقوق من كلية بغداد عام 1962. ومع الاستقلال، عاد إلى الجزائر وتولى عدة مناصب قضائية بارزة.
عُيّن قاضيًا بمحكمة البليدة بعد الاستقلال مباشرة.
عمل نائبًا عامًا مساعدًا بمجلس قضاء ورقلة سنة 1966.
أصبح مستشارًا بمجلس قسنطينة سنة 1969، ثم منتدبًا بالمحكمة العليا.
تولّى رئاسة عدة أقسام بالمحكمة العليا، ثم أصبح نائبًا عامًا بها سنة 1986.
في سنة 1988، استقال من منصبه القضائي وفضّل ممارسة مهنة المحاماة في غرداية، رغم عرض الحكومة عليه منصب وزير العدل، لكنه رفض.
إسهاماته الأكاديمية والتشريعية
كان رئيسًا للجنة الوطنية للتعريب.
عمل أستاذًا مساعدًا في كلية الحقوق، ودرّس في:
المدرسة الوطنية للإدارة.
معهد تكوين القضاة.
معهد تكوين الكتاب القضائيين.
أشرف على لجنة صياغة قانون الأسرة الجزائري، وكان له دور بارز في تطوير التشريعات القانونية في الجزائر.
كُلّف بعدة مهام قانونية خارج الوطن، حيث قدّم خبراته في العديد من الدول الإسلامية.
خلّف الشيخ بكوش يحيى مجموعة من المؤلفات الهامة في القانون والفقه، من أبرزها:
“أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري مقارنة بالفقه الإسلامي” – وهو من أهم المراجع القانونية الجزائرية.
“فقه الإمام جابر بن زيد” – وهو مرجع مهم في المذهب الإباضي.
“صياغة الأحكام القضائية ونظرية البطلان في قانون الإجراءات المدنية الجزائرية”.
ألقى الشيخ بكوش محاضرات عديدة حول الفقه والقانون، سواء داخل الجزائر أو في دول العالم الإسلامي، وساهم في الكثير من البحوث الشرعية والقانونية، مما جعله أحد أبرز الأعلام الفقهية والقضائية في الجزائر.
برحيله، فقدت الجزائر عالِمًا فقيهًا وقاضيًا محنكًا، أسهم في بناء المنظومة القانونية الجزائرية، وترك بصمة لا تُمحى في الفكر القانوني والفقهي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *