حدث في مثل هذا اليوم 19 أبريل 1981، اختفى الأكاديمي واللساني الأمازيغي بوجمعة الهباز في ظروف غامضة ومقلقة لم يُفصح عنها رسميًا إلى يومنا هذا، في واحدة من أكثر حالات الاختفاء غموضًا في تاريخ النضال الثقافي الأمازيغي بالمغرب، وظل اسمه منذ ذلك الحين مرادفًا للصمت الممنهج والإقصاء المقصود.
النشأة والمسار الأكاديمي
-
وُلد بوجمعة الهباز سنة 1943 في قرية بوتازولت قرب منجم إيميني في نواحي ورزازات.
-
بدأ دراسته في التعليم الابتدائي والثانوي بـثانوية محمد الخامس بمراكش.
-
التحق بـمدرسة تكوين المعلمين سنة 1961 وتخرج معلمًا للغة الفرنسية، ليُعيّن في منطقة إيمي نتانوت.
من التعليم إلى البحث الأكاديمي
-
في سنة 1965، التحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، حيث حصل على الإجازة في اللغة الفرنسية.
-
التحق سنة 1973 بـجامعة السوربون بفرنسا، ضمن بعثات المغرب العلمية، وهناك أنجز أطروحته في اللسانيات العامة والتطبيقية تحت إشراف الباحثة الفرنسية دونيز فرانسوا.
-
تناولت أطروحته موضوعًا دقيقًا ومبكرًا في مجال اللسانيات الأمازيغية بعنوان:
“مقولة الجهة في الأمازيغية: تاشلحيت، منطقة إيميني – مراكش – ورزازات”، مما يجعله من أوائل الباحثين المغاربة الذين تناولوا الأمازيغية من زاوية لسانية علمية خالصة.
العودة إلى المغرب والانخراط في النضال
-
عاد إلى المغرب سنة 1980، وانخرط في جمعية البحث والتبادل الثقافي (AREC)، والتي كانت إحدى واجهات النضال الأمازيغي في مرحلة التأسيس.
-
شارك في الجامعة الصيفية بأكادير صيف 1980، التي كانت من أهم اللحظات الحاسمة في بروز الوعي الأمازيغي المنظم، حيث أبدى مواقف فكرية حادة وجريئة، ونظرة سوسيولوجية ثاقبة حول اللغة والثقافة والهوية.
اختفاؤه الغامض
-
اختفى بوجمعة الهباز فجأة في 19 أبريل 1981، بعد أقل من عام من نشاطه العلني، ولم يُعرف مصيره منذ ذلك الحين.
-
رغم ورود اسمه ضمن ملفات لجنة الإنصاف والمصالحة، إلا أن الملف لم يُكشف عنه علنًا، ولم تُعرف أية تفاصيل عن ملابسات اختفائه أو الجهات المسؤولة عنه.
-
يُعتقد أن آرائه التقدمية وتحليلاته العميقة لهوية المجتمع المغربي وربما رفضه للتبعية الفكرية والهوياتية قد جعلته هدفًا للإقصاء أو التصفية.
في الختام
يُعد بوجمعة الهباز أحد العقول المبكرة والمضيئة في تاريخ اللسانيات الأمازيغية، ورمزًا من رموز المثقفين المنسيين الذين دفعوا ثمن أفكارهم في زمن الصمت والتضييق.
واختفاؤه هو وصمة عار لا تزال معلقة على ضمير كل من سكت عن قضيته، وهو اليوم يُمثل أحد الوجوه التي يجب أن تُستعاد ضمن ذاكرة العدالة والكرامة الأمازيغية.
الحرية للحقيقة… والخلود لبوجمعة الهباز، الأكاديمي الذي لم يُكمل معركته، لكن صوته لا يزال يتردد في كل باحث حر.