حدث في مثل هذا اليوم 20 أبريل 2001، استشهد الشاب الأمازيغي ماسينيسا قرماح، ابن بلدة آث دوالا بتيزي وزو، وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، بعد أن تعرّض لاعتقال تعسفي في 18 أبريل، وتم إطلاق الرصاص عليه داخل مركز الدرك الوطني، لتُعلن وفاته بعد يومين فقط، متأثرًا بعيارات نارية قاتلة، دون أي محاكمة، ودون ذنب سوى انتمائه الأمازيغي، ومطالبته بالكرامة في وطنه.
الشرارة التي أحرقت الصمت
-
مثّلت وفاة ماسينيسا قرماح الشرارة الكبرى التي فجّرت ما عُرف لاحقًا بـ”الربيع الأسود” أو “الربيع الأمازيغي الثاني”.
-
خرجت موجة غضب عارمة اجتاحت كل منطقة القبائل، وتوسعت لتشمل الجزائر العميقة بكل ثقلها الأمازيغي والشعبي.
-
كانت البداية باستقالة سعيد سعدي من البرلمان، احتجاجًا على الجريمة، لكنها لم تكن سوى البداية.
الربيع الأسود: غضب مليون إنسان
-
شهدت البلاد أكبر مظاهرات في تاريخ الجزائر بعد الاستقلال، حيث يُقدّر أن نحو مليون متظاهر خرجوا إلى الشوارع، في زحف شعبي غير مسبوق ضد التهميش، والقمع، وسياسات التعريب القسري.
-
رفع المتظاهرون شعارات الحرية، الكرامة، الاعتراف بالهوية الأمازيغية، ورفض التسلط العروبي القومي المفروض بالقوة.
رد الدولة: القمع ثم الالتفاف
-
واجهت السلطات هذه المظاهرات بـآلة قمع دموية، حيث سقط:
-
129 شهيدًا
-
وأكثر من 5000 جريح
-
واعتقالات تعسفية واسعة.
-
-
ومع اشتداد الضغط الشعبي والإعلامي والحقوقي، بدأت الدولة في التراجع التكتيكي والالتفاف السياسي:
-
اعتراف نسبي باللغة الأمازيغية.
-
تأسيس محافظة سامية للأمازيغية.
-
إدماج الأمازيغية في التعليم بشكل محدود.
-
-
لكنها ظلت تراوغ في تنفيذ المطالب الجوهرية، مثل الدسترة الجادة، والاعتراف السياسي بهوية تامازغا، والمحاسبة العادلة لمرتكبي الجرائم.
ماسينيسا قرماح: من طالب إلى رمز
-
كان ماسينيسا شابًا عاديًا من عامة الشعب، يحلم بحياة كريمة، متساوية، خالية من العنصرية والإقصاء.
-
لم يكن قائدًا سياسيا، ولا ناشطًا حزبيًا، لكنه تحول إلى أيقونة النضال الأمازيغي الحديث.
-
رُفعت صورته في كل الساحات، وتحوّلت ذكراه إلى ضمير حي في وجدان كل أمازيغي حر.
في الختام
ماسينيسا قرماح لم يكن مجرد ضحية، بل مفجّر عهد جديد في الوعي الأمازيغي، ومصدر إلهام لأجيال لم تعد تقبل بالطمس ولا بالتهميش ولا بالكذب الرسمي.
كل 20 أبريل نُجدد العهد مع روحه، ومع كل الشهداء الذين سقطوا ليُثبتوا أن تامازغا لن تموت… وأن هوية الأرض أقوى من أي سلطة قمعية عابرة.