حدث في مثل هذا اليوم 25 أبريل 68م، توفي القديس مرقس الإنجيلي، أحد أبرز حواريي السيد المسيح عليه السلام، ومُسجِّل الإنجيل الثاني من العهد الجديد الذي ينسب إليه.
أصوله وليبيا موطنه الأول:
رغم أن المعلومات عن طفولته وحياته المبكرة قليلة، إلا أن أغلب الروايات تؤكد أن مرقس وُلد في برقة، وهي منطقة تقع اليوم في شرق ليبيا، ويرجح أن أصوله تعود إلى قبيلة لواتة، التي كانت واسعة الانتشار في تلك الجهات.
ومن أبرز القصص التي رويت عنه، حادثة الأسد الذي كاد أن يفترسه، فدعا الله أن يدله على طريق النجاة، فكانت تلك اللحظة مفصلية في حياته الروحية، وأحد أهم أسباب تعمق إيمانه ودعوته.
مسيرته التبشيرية:
بعد إيمانه بالمسيح ومرافقته له، بدأ مرقس في نشر الرسالة المسيحية، فمر عبر اليونان ثم عاد إلى ليبيا، مما جعل برقة أول منطقة في إفريقيا تعرف المسيحية، قبل أن يتوجه لاحقًا إلى قبرص ومصر حيث استقر بالإسكندرية وأسّس فيها الكنيسة المرقسية العريقة.
إنجيل مرقس ووادي مرقس:
-
يُقال إن الإنجيل المنسوب إليه قد دُوِّن في مغارة تُعرف بـ”وادي مرقس” في برقة، ولا تزال النقوش القديمة التي تمثل الأسد – الذي أصبح رمزه الدائم – شاهدة على القصة.
-
كما أن هناك وادياً في غرب جبل نفوسة يُسمى “سوف ن مرگس”، ويرجح أن تسميته ترتبط بالقديس مرقس، غير أن المصادر المتوفرة قليلة بخصوص طبيعة المسيحية في جبل نفوسة حينها، وإن كانت بعض الإشارات تدل على وجود تأثير الدوناتية على بعض سكان المنطقة.
بعد وفاته:
انتقل مرقس في حياته التبشيرية إلى مصر حيث نشر المسيحية وأسس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ويُعتقد أن العشاء الأخير الشهير بين المسيح وتلاميذه أقيم في بيت عائلته.
لاحقًا، أصبح القديس مرقس موضع تبجيل واسع في العالم المسيحي:
-
اعتبر القديس الحامي لمدينة فينيسيا (البندقية) في إيطاليا، التي بنت له معلمًا ضخمًا تخليدًا له.
-
قامت بعثة من فينيسيا بسرقة رفاته من الإسكندرية سنة 828م، ونقلته إلى كنيستهم الشهيرة، كنيسة سان ماركو.
-
ثم أُعيد جزء من رفاته لاحقًا إلى الإسكندرية في 26 يونيو 1968، بعد مفاوضات دينية وسياسية مطولة.
إرثه:
القديس مرقس ليس مجرد شخصية دينية، بل هو رمز للتواصل الثقافي والديني بين ليبيا ومصر والشرق الأدنى وأوروبا، وجزء من الذاكرة الدينية المشتركة لشعوب كثيرة. ترك بصمة روحية عميقة في تاريخ المسيحية، بدأت من برقة الليبية، وانطلقت إلى آفاق العالم.