حدث في مثل هذا اليوم 26 مايو 1968 صدر أول ديوان شعري أمازيغي مطبوع بالمغرب بعنوان “أمنار” (كوكب الصباح)، من تدوين الإعلامي الأمازيغي الكبير أحمد أمزال (أحمد بن إبراهيم العسري)، وهو أحد الرواد المؤسسين للعمل الإذاعي الأمازيغي بالمغرب.
حول الديوان “أمنار”:
صدر الديوان عن المطبعة المركزية بالرباط في يونيو 1968 بعنوان:
“أمنار، شعر مغربي شلحي”
وجاء من الحجم الصغير، ويحتوي على 72 قصيدة شعرية موزعة على 87 صفحة، وهو يعد حجر الأساس في مسار تدوين الشعر الأمازيغي في المغرب، في وقت كان هذا الشعر لا يزال يُتناقل شفاهة.
كلمة “أمنار” بالأمازيغية تعني الكوكب أو النجم اللامع في السماء الذي لا يضمحل نوره إلا عند بزوغ الصباح، ويهتدي به المسافرون ليلًا، وهو اسم رمزي يليق بديوان يحمل نور القصيدة الشفهية إلى صفحات الكتاب.
محتوى الديوان وشكله الفني:
-
زُيِّن غلاف الديوان بصورة لقرية “أكرض أوضاض” الواقعة في نواحي تافراوت، مع العنوان واسم المؤلف بالحرف العربي.
-
جميع محتويات الديوان كُتبت بالحرف العربي، وقدّم له المؤلف مقدمة من 6 صفحات وخاتمة في صفحة واحدة.
-
اختار المؤلف عناوين للقصائد تعبّر عن فحواها، لكنه لم يشر إلى مؤلفيها، رغم أن بعضها معروف ومنسوب لعمالقة الشعر الأمازيغي مثل:
-
الرايس الحاج بلعيد في قصائد: أطبيب، تاكمرت، اطان نلحوب، أنكيد نتكزيرت، امالاي، مداك يروان
-
الرايس بوبكر أنشاد في: لمترد، لأشياخ نسدي حمو
-
ونسب فقط قصيدة واحدة إلى الشاعر الكبير سيدي حمو الطالب
-
-
أرفق أمزال الديوان بهوامش تفسيرية بالعربية، تشرح معاني القصائد أو تورد أبياتًا عربية تقابلها في المعنى.
-
لم يتبع المؤلف ترتيبًا موضوعيًا أو زمنيًا أو أبجديًا، فنجد قصائد الغزل والحكمة والسياسة متجاورة.
-
أبرز القصائد السياسية في الديوان قصيدة “يض غ تاسوت” (ص 38)، التي تؤرخ لواقعة آيت باها ضد الاستعمار الفرنسي ليلة 31 مارس 1936.
-
كما تضمن الديوان مرثية حزينة في استشهاد إبراهيم أمزال، أحد مقاومي آيت مزال.
عن المؤلف: أحمد أمزال (العسري):
-
وُلد في قبيلة آيت مزال في الأطلس الصغير، وانتقل إلى الرباط في طفولته.
-
التحق بالإذاعة والتلفزة المغربية سنة 1959، وعُرف ببرامجه الإذاعية الشهيرة باللهجة تاشلحيت، أبرزها:
-
“أبراز ن أيت ومارك” (ملتقى عشاق الطرب) – يُذاع كل أحد
-
“اعرف بلدك”
-
“زاوية الأضواء”
-
-
عُيّن سنة 1971 مندوبًا لوزارة الأنباء ورئيسًا للمحطة الجهوية بأكادير
-
خلال عمله الإعلامي، أجرى مئات الحوارات مع الروايس والشعراء الشعبيين، ما مكّنه من جمع مادة ديوان أمنار
-
مثّل أمنار انتقالًا نوعيًا بالشعر الأمازيغي من مرحلة الشفوية إلى التدوين
وفاته وإرثه:
توفي الجمعة 23 مارس 2012، ودُفن في الرباط.
خسرت الساحة الإعلامية والثقافية الأمازيغية أحد قيدوميها ومؤسسي تجربتها المعاصرة، وترك خلفه أعمالًا خالدة ومسارًا مهنيًا وثقافيًا يُحتذى به.
وفي أبريل 2013، أدرجت الفنانة نبيلة عبدلاوي في ألبومها الثالث أغنية “إسي تريت” (هل تحبني؟) بالأمازيغية، وهي من شعر أحمد أمزال وألحان طارق هلال، كتحية فنية لذكراه.
ختامًا:
يبقى أمنار منارة مضيئة في تاريخ الأدب الأمازيغي المكتوب، ويمثل علامة فارقة في مسار إعادة الاعتبار للشعر الشفهي، وتحويله إلى ذاكرة مكتوبة تحفظ الجمال والمعنى والهوية.
رحم الله أحمد أمزال، ودام أمناره يهدي الدارسين والمهتمين بأدب تامازغا.