وفاة الإمام المؤرخ محمد بن أحمد الحضيگي

حدث في مثل هذا اليوم 15 سبتمبر 1775، توفي الإمام المؤرخ المتصوف محمد بن أحمد الحضيگي، أحد أعلام الفكر الديني والتاريخي في منطقة سوس الكبرى، والذي يُعرف بعدة ألقاب تُضاف إلى اسمه، مثل اللكوسي، المانوزي، الإيسي، والتارسواطي، نسبة لاستقرار أسرته في قرية تارسواط جنوب تافراوت، في حوض سوس.
ويذكر المؤرخ الكبير محمد المختار السوسي أن أصل أسرته من إداوسملال وتحديدًا من قرية تامگرط، رغم انتقالهم لاحقًا إلى تارسواط.

ولد الحضيگي عام 1706 تقريبًا في أسرة فقهية علمية، وبدأ طلبه للعلم في زاوية سيدي حمد أوموسي الشهيرة في تازروالت، حيث تتلمذ على يد الشيخ الگرسيفي، ثم انطلق في رحلاته العلمية عبر سوس ومراكش، التي كانت حاضرة العلم آنذاك، ثم انتقل لأداء فريضة الحج مارًا بعدة حواضر علمية في شمال إفريقيا، وسجّل رحلته تلك في مؤلف مهم يُعرف بـالرحلة الحجازية، وسنفرد لها مناسبة خاصة لاحقًا.

بلغت مؤلفاته 32 مصنّفًا، أهمها على الإطلاق كتاب “الطبقات”، الذي قام بتحقيقه الأستاذ أحمد بومژگو في أطروحة ماجستير. ويُعتبر هذا الكتاب كنزًا معرفيًا كبيرًا، ليس فقط في مجال التراجم والسير، بل أيضًا كمصدر لتاريخ المنطقة المنسي، وموسوعة مصطلحية وطوبونيمية ذات أهمية بالغة، تحفظ الكثير من الأسماء والأماكن والمصطلحات المحلية التي لم تُوثق في غيره.

تتلمذ على يده أكثر من مئة طالب علم، أصبح كثير منهم من المشاهير والعلماء البارزين في سوس وما حولها، مما جعله أحد الركائز العلمية والتاريخية للمنطقة.

رحم الله الحضيگي، وجزاه عن العلم وأهله خير الجزاء.

إلتحاق عضو حزب الإصلاح الوطني سعيد عمر الفساطوي

حدث في مثل هذا اليوم 14 سبتمبر 1919، التحق سعيد عمر الفساطوي، عضو حزب الإصلاح الوطني، للعمل كمصحح لغوي في جريدة “اللواء الطرابلسي”، وهي من أبرز الصحف التي صدرت في طرابلس خلال فترة الاحتلال الإيطالي. وقد ذكرت الجريدة نفسها لاحقًا أن الفساطوي أصبح لاحقًا رئيسًا لتحريرها، في سابقة تؤكد تطوره المهني والسياسي داخل الصحافة الوطنية.

ورغم عدم توفر صورة شخصية له أو مقالات منشورة باسمه حتى الآن، فإن ما نُقل عنه ومنه يكشف عن قيمة ثقافية وفكرية كبيرة كان يتمتع بها، خاصة في وقت كانت الصحافة تمثل منبرًا نضاليًا ومجالًا للمقاومة الفكرية ضد الاستعمار الإيطالي.

ويُعتقد أن سعيد عمر الفساطوي من أوائل سكان طرابلس من أبناء مدينة جادو بجبل نفوسة، وينتمي إلى أسرة مثقفة تمتهن التجارة، وكان لها حضور بارز في الحياة الاقتصادية والثقافية في المدينة، تعود جذورها إلى القرن التاسع عشر خلال العهد العثماني، واستمرت إلى الحقبة الإيطالية، ما يدل على اندماج مبكر لسكان جبل نفوسة في الحياة المدنية والسياسية في العاصمة.

ويُعد هذا الحدث شاهدًا مبكرًا على مساهمة النخب الأمازيغية في تأسيس الصحافة الليبية ومشاركتها في النضال الفكري ضد الاستعمار، وهو ما نحتاج إلى توثيقه وتسليط الضوء عليه أكثر في مشاريع التأريخ الثقافي الليبي.

وفاة محمد بن صالح الكتامي

حدث في مثل هذا اليوم 14 سبتمبر 1243، توفي العالم المغربي محمد بن صالح الكتامي، أحد أعلام علم التداوي بالأعشاب في الغرب الإسلامي، وأصيل مدينة مراكش، حيث عاش ودرّس ودوّن معارفه الطبية والنباتية التي أصبحت مرجعًا للأجيال التي تلته، وكان من أبرز من تأثر به ابن البيطار، أشهر علماء النبات والصيدلة في العصور الوسطى.

كان الكتامي موسوعيًا في معرفته بالنباتات الطبية، وألف معاجم ومؤلفات متخصصة في الأدوية المفردة والأعشاب، وله الفضل الكبير في جمع الأسماء المحلية للنباتات، وخاصة الأسماء الأمازيغية، ما يدل على عنايته الواسعة بالبيئة النباتية في المغرب الكبير وتنوعها اللغوي والثقافي.

وقد أقر ابن البيطار بنفسه في خاتمة كتابه الشهير “الجامع لمفردات الأدوية والأغذية”، أنه قرأ هذا المؤلف على أستاذه محمد بن صالح الكتامي في يوم 22 رجب سنة 600هـ، الموافق لـ 28 مارس 1204م، ما يجعل الكتامي من أهم المصادر المباشرة لابن البيطار، ويُبرز دوره المحوري في نقل المعارف الطبية الأمازيغية والمحلية إلى التراث الطبي الإسلامي العام.

وفاة الكتامي كانت سنة 641هـ، الموافق 14 سبتمبر 1243م، ولكن أثره العلمي بقي ممتدًا، خاصة في علوم الأعشاب والتداوي النباتي، وظل مرجعًا لا غنى عنه لمن أراد التبحر في علم الصيدلة التقليدية في الأندلس والمغرب الكبير.

ومن المهم إعادة الاعتبار لهذا العالم الأمازيغي الأصل، الذي كان همزة وصل بين المعرفة الشعبية الأمازيغية والمناهج العلمية الطبية المكتوبة بالعربية في القرون الوسطى.

وفاة المفكر الإسلامي محمد أركون

حدث في مثل هذا اليوم 14 سبتمبر 2010، توفي أحد أبرز المفكرين الإسلاميين المعاصرين الدكتور محمد أركون، عن عمر ناهز 82 عامًا، بعد مسيرة فكرية حافلة دامت أكثر من نصف قرن، طبعها التجديد والجرأة في نقد البنى التقليدية للفكر الديني، والسعي نحو عقلنة التراث الإسلامي وإدماجه في عصر الحداثة.

وُلد محمد أركون سنة 1928 في قرية تاوريرت ن ميمون الواقعة في أث يني بمنطقة لقبايل الأمازيغية (شمال الجزائر)، وانتقل لاحقًا مع عائلته إلى مدينة وهران، وهناك التحق بمدرسة “الآباء البيض”، التي شكلت له – بحسب مذكراته – صدمة حضارية عميقة، فتحت له أبوابًا على عالم مغاير قاده لاحقًا إلى الانكباب على دراسة الأدب العربي والفكر والفلسفة، وهو ما سيُحدد مساره الفكري والأكاديمي اللاحق.

رغم انشغاله في حقل الدراسات الإسلامية، لم ينس أركون هويته الأمازيغية، بل كان من المؤسسين للأكاديمية الأمازيغية في باريس سنة 1966، كما انتقد في عدة محاضرات الخطاب العروبي الإقصائي، مؤكدًا على أهمية التعددية الثقافية واللغوية في المغرب الكبير.

تُعد مساهماته الفكرية نقلة نوعية في نقد العقل الإسلامي، وهو أحد أوائل المفكرين الذين طالبوا بإعادة قراءة التراث الديني بعين نقدية حداثية، وقد نادى بـ”تأريخية الفكر” و”تفكيك الأساطير المؤسسة”، ودعا إلى الانتقال من الاجتهاد الفقهي إلى نقد العقل الديني ذاته. هذه الأفكار، الجريئة والجذرية، أثارت انتقادات لاذعة من الأوساط التقليدية والمحافظة، لكنها فتحت آفاقًا واسعة أمام الأجيال الجديدة من الباحثين والمفكرين.

درّس أركون في جامعة السوربون، وكان أستاذ كرسي للفكر الإسلامي فيها، كما عمل باحثًا زائرًا في جامعة برلين، وأستاذًا مساعدًا في قسم الدراسات الإسلامية بلندن، وألقى محاضرات في عدد كبير من جامعات العالم.

من أبرز مؤلفاته:

  • الفكر الإسلامي: نقد واجتهاد

  • من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي

  • تاريخية الفكر العربي الإسلامي

  • الإسلام: الأخلاق والسياسة

  • العلمنة والدين: الإسلام، المسيحية، الغرب

  • قضايا في نقد العقل الديني

  • نزعة الأنسنة في الفكر العربي

  • من فيصل التفرقة إلى فصل المقال

  • الإسلام، أوروبا، الغرب: رهانات المعنى وإرادات الهيمنة
    وغيرها من الكتب التي تُرجمت إلى العديد من اللغات.

حصل على جائزة ابن رشد للفكر الحر سنة 2003، كما نال الدكتوراه الفخرية من عدة جامعات دولية.

توفي محمد أركون في باريس بعد معاناة مع المرض، ودُفن في المغرب تنفيذًا لوصيته. وقد ترك وراءه تراثًا فكريًا ضخمًا، لا يزال يُثير الجدل ويغذّي النقاشات حول تجديد الفكر الإسلامي وعلاقته بالحداثة والعلمانية.

وفاة المجاهد النفوسي الكبير يوسف خربيش

حدث في مثل هذا اليوم 12 سبتمبر 1940، توفي المجاهد النفوسي الكبير يوسف خربيش، أحد أبرز قادة المقاومة الليبية في جبل نفوسة، والذي وُوري الثرى بمدينة طرابلس، في جنازة حضرها جمع غفير من أهالي الجبل المقيمين في العاصمة، وعدد كبير من أعيان وشيوخ طرابلس وما حولها، لما كان يتمتع به من احترام واسع ومكانة وطنية بارزة.

اشتهر يوسف خربيش خصوصًا في سياق أحداث الفتنة التي أثارها العميل الإيطالي فكيني، والتي بلغت ذروتها عند قتل ابن بوبرنوسة وتعليق جثته على بوابة الرجبان، في محاولة لإثارة الفتنة القبلية في الجبل. على إثر ذلك، حاولت السلطات الإيطالية تعيين فكيني قائم مقام على الجبل، إلا أن هذا التعيين قوبل برفض شعبي واسع في جادو ويفرن تحديدًا، بسبب الشبهات التي أُثيرت حول بعض مواقفه بعد نفي الباروني ووفاة المجاهد ساسي خزام.

لكن من المهم التنويه إلى أن تاريخ يوسف خربيش الجهادي أسبق وأعرق من هذه المرحلة السياسية المتأخرة، فهو من المنخرطين الأوائل في معارك الجهاد، بدءًا من معركة الهاني سنة 1911، ثم في جميع المعارك الكبرى تحت قيادة سليمان باشا الباروني، الذي وثق فيه وأسند له مهام قيادية وتنظيمية عديدة. وقد ذكره الباروني بالثناء في أكثر من مناسبة في مراسلاته وتقاريره.

وبعد نفي الباروني، وانكفاء القيادات الأولى للجهاد، وجد خربيش نفسه في واجهة الأحداث، وقاد صفوفًا من الشباب المجاهدين في مواجهة تحالفات قبلية موالية للمستعمر في فترات التوتر الأهلي، وخاصة في الحرب التي شنتها جادو على الرجبان والزنتان، لإعادة المهجرين من ديارهم.

في العقود التالية، وخصوصًا في عهد النظام السابق، تعرضت سيرة يوسف خربيش لحملة تشويه منظمة من قبل أزلام القومية العروبية داخل النظام مثل أحمد قشاط وأحمد حنيش، الذين سعوا لتشويه رموز الجهاد الأمازيغي والنفوسي، وتحميله ظلماً مسؤولية الأحداث الأهلية، في إطار سياسة إقصاء الذاكرة الجهادية الأصيلة في الجبل.

وبالرغم من هذه الحملات، ظل اسم المجاهد يوسف خربيش محفورًا في ذاكرة جبل نفوسة، رمزًا للثبات والمقاومة، وواحدًا من الذين كتبوا فصولًا مشرقة من تاريخ الجهاد الليبي الحقيقي.

وفاة الورتلاني صاحب الرحلة الشهيرة

حدث في مثل هذا اليوم 12 سبتمبر 1779، توفي الإمام الحسين بن محمد السعيد الورتلاني، أحد أبرز علماء الجزائر في القرن الثامن عشر، وصاحب الرحلة الشهيرة المعروفة باسم “الرحلة الورثلانية”، نسبةً إلى قبيلته آيت ورتيلان جنوب غرب مدينة بجاية، التي وُلد بها وتلقى فيها علومه الأولى.

أكمل الورتلاني دراسته واستقر ردحًا من الزمن بمدينة بجاية، التي كانت منارات علمية كبرى في تلك الحقبة، وكان يتبع الطريقة الشاذلية، وقد أشار في مقدمة رحلته إلى أن جده البكاي البجائي كان من أهل بجاية، وهو ما يعزز صلته الروحية والعلمية بهذه المدينة.

في سنة 1153 هـ (1740 م)، غادر مدينة بجاية قاصدًا الحج، فكانت رحلته طويلة وشاقة ومليئة بالمشاهدات والتأملات، إذ مر بتونس، وليبيا، ومصر، ثم الحجاز والديار المقدسة، ودون مشاهداته في كتابه الذي ذاع صيته فيما بعد:
“نزهة الأنظار في فضل علم التاريخ والأخبار”، والذي سنعود إليه بالتفصيل في مناسبة لاحقة.

لكن الورتلاني لم يكن مجرد رحّالة؛ فقد كان عالِمًا موسوعيًا ومتصوفًا وشاعرًا، وله ما يقارب عشرين مؤلفًا في مختلف العلوم الإسلامية، منها كتب في العقيدة، والفقه، والتاريخ، والأدب الصوفي.

من أجمل ما تركه من الشعر، قصيدته المؤثرة التي يرثي فيها الشيخ الليبي الكبير أحمد زروق المصراتي، مما يعكس عمق الروابط الروحية والعلمية بينه وبين علماء ليبيا. كما كان له عدد كبير من المريدين والعارفين به في المغرب الأقصى، مما يدل على امتداد إشعاعه العلمي والصوفي من الجزائر إلى ليبيا والمغرب ومصر والحجاز.

رحيل الإمام الورتلاني لم يكن فقط فقدانًا لعالِم، بل لرحّالةٍ مثقفٍ دون أحوال المسلمين ومشاهداته الحضارية في زمنٍ كانت فيه الرحلات العلمية الجادة نادرة، فخلّف لنا تراثًا غنيًا يجمع بين العقل والوجدان، والسفر والتأمل، والعلم والتصوف.

رحمه الله رحمة واسعة، ورضي عنه.

وفاة المؤرخ الأمازيغي أبو الحسن اليوسي

حدث في مثل هذا اليوم 7 سبتمبر 1691، توفي العالم والمؤرخ والأديب الأمازيغي أبو الحسن اليوسي، أحد أعلام الفكر الإسلامي في العصر الوسيط، والمُلقّب بـ**”غزالي عصره”**، نظرًا لعمق علمه، وتنوع معارفه، وتأثيره الواسع في المدرسة الأشعرية والمالكية، لا في المغرب فحسب، بل في ليبيا أيضًا، وحتى في أوساط الطريقة السنوسية لاحقًا.

النشأة والمسار العلمي

وُلد اليوسي سنة 1631 في قبيلة آيت يوسي ضمن اتحاد أيت يدراسن الصنهاجي، شمال غربي الأطلس المغربي. نشأ في وسط أمازيغي محافظ، وتلقى تعليمه الأولي في الكتاتيب، ثم انطلق في رحلات علمية مبكرة شملت مختلف جهات المغرب، مما فتح له آفاقًا واسعة في العقيدة، الفقه، المنطق، والتصوف.

الرحلة والمعرفة

كان اليوسي منذ صغره مفتونًا بالرحلة والتجوال، فزار فاس، مراكش، درعة، تافيلالت، سوس، وتادلة، وجالس كبار العلماء والفقهاء، واكتسب مكانة مرموقة جعلته من أهم أقطاب العلم والتربية في عصره.

ومن أشهر تلاميذه أبو سالم العياشي، الذي يعود له الفضل في إحياء فنون أدب الرحلة، وقد اعترف بتأثير اليوسي عليه في شغفه بالأسفار والتدوين.

فكره ومذهبه

  • كان اليوسي من كبار أعلام الأشاعرة المالكية المتصوفة.

  • واجه تيارات التشدد العقدي والمذهبي، خصوصًا السلفية الحنبلية كما مثّلها ابن القيم الجوزية، ورد عليها في معظم مؤلفاته.

  • دعى إلى الاعتدال، والتجديد داخل المذهب دون خروجه عن أصوله.

مؤلفاته:

ترك أكثر من 30 مؤلفًا، تناولت مواضيع شتى منها:

  • علم الكلام والعقيدة.

  • الفقه المالكي.

  • الأدب والتاريخ.

  • ديوان شعري.

  • كتب في الرحلة والتراجم.

ومن أبرز آثاره:

  • نفائس الدرر

  • المحاضرات

  • الزاوية الكبرى

  • ديوان اليوسي

  • حواشٍ على كبرى السنوسي

وللليبي جمعة الفيتوري جهود كبيرة في تحقيق مؤلفاته، خاصة الحواشي على الكبرى للسنوسي، ما يدل على عمق الأثر الذي تركه اليوسي في المدرسة السنوسية الليبية.

من أقواله الشهيرة:

نُسبت إليه المقولة التي يخطئ الكثيرون في نسبتها إلى ابن خلدون:
“من علامات البربر: لبس البرنس، وحلق الرؤوس، وأكل الكسكس.”
وقد وردت فعليًا ضمن إحدى مؤلفاته، لا كمجرد وصف فولكلوري، بل كدلالة على الهوية الأمازيغية الثقافية.

رحلته الأخيرة:

زارتهُ المنية في 7 سبتمبر 1691م، عن عمر ناهز الستين، وترك أثرًا لا يُمحى في العلم، والكتابة، والفكر، والتصوف.
وقد تشرفتَ — كما ذكرت — بزيارة ضريحه في فاس مرتين، الأولى سنة 2003 رفقة بعض الأصدقاء خلال محاضرة علمية، والثانية سنة 2008 بمفردك، وهي تجربة لا شك أنها تُخلَّد في ذاكرة كل محب للعلماء الكبار.

معركة كدية الصابون

حدث في مثل هذا اليوم 23 أغسطس 1518 فرقة إباضية من بني مزاب بقيادة باحيو بن موسى تلحق الاسبان هزيمة نكراء في كدية الصابون قرب الجزائر العاصمة، كانت الفرقة تتكون من باحيو و أمين المزابيين في الجزائر بكير بن الحاج محمد بن بكير وسبعين من الفدائيين المزابيين والذين اخترقوا الجيش الاسباني متنكرين في جنازة وهمية واضعين الاسلحة في توابيت، ووأرسلوا فدائيين يحرقون مستودع البارود مما أثار في نفوسهم الرعب وقامة الفرقة الفدائية باستخراج السلاح وقتال العدوا في الجبهات، فر القائد الإسباني دون هوقو مع ما بقي من الجنود بعد ان اثخنوا فيهم القتل واحرقت سفنهم ومعداتهم الحربية.
وجب القول ان خير الدين بربروس ( والي الجزائر العثماني من 1518) لما أحس بخطورة الموقف بعد احتلال الإسبان لمنطقة كدية الصابون (منطقة قرب الجزائر العاصمة)، و إحاطة العدو الإسباني بمدينة الجزائر، استدعى مجموعة من الجزائريين ليستشيرهم فتطوع باحمو وفرقة من الفدائيين لاختراق العدو.
باحموا وان كان سوف يأتي في موضعه له باع في قتال الاسبان في عدة جبها وله قصيدة معروفة (مرفقة) عن قتال الاسبان في جزيرة جربة مع فرقة مزابية وأخرى نفوسية بعد هذه الحادثة بسنتين بقيادة أبي يحي السمومي.

وفاة الشاعر والمؤلف علي بن صالح

حدث في مثل هذا اليوم 6 سبتمبر 1988، توفي الشاعر والمؤلف والمناضل الأمازيغي علي بن صالح، أحد أبناء القرارة المخلصين، ومن الرموز الفكرية والأدبية في وادي مزاب الذين جمعوا بين الكلمة والموقف، وبين النضال والتأليف، وبين الشعر والمقاومة.

النشأة والمسار العلمي:

ولد علي بن صالح في مدينة القرارة، وبرز منذ شبابه بحب العلم والشعر، فالتحق برحلة علمية شهيرة نظّمها العلامة أبو اليقظان إبراهيم بن عيسى نحو تونس، وهي الرحلة التي ضمت عددًا من طلبة مزاب في الثلاثينيات، وكان لها دور بارز في تكوين جيل من المثقفين المجاهدين.

في تونس، تتلمذ في مدرسة السلام، ثم في المدرسة الخلدونية، التي كانت آنذاك نخبوية النّسق والتكوين، وواصل دراسته في جامع الزيتونة، حيث انفتح على علوم الفقه واللغة والتاريخ، مما شكّل شخصيته العلمية والثقافية.

العمل والنضال:

عاد إلى الجزائر ليعمل مدرسًا في عدة مدن جزائرية، حيث جمع بين التدريس والنشاط الوطني، وكان من المساهمين في الحركة الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي.
ومع تصاعد وتيرة الكفاح، أُجبر على الاختفاء داخل الجزائر لتجنّب الاعتقال، لكن السلطات الفرنسية ألقت القبض على اثنين من أبنائه كوسيلة للضغط عليه، وهو ما ترك أثرًا نفسيًا كبيرًا ظهر في كثير من قصائده الوجدانية والسياسية.

إرثه الأدبي والفكري:

ترك علي بن صالح إرثًا شعريًا وفكريًا زاخرًا، يوثق من خلاله تجربته الشخصية وتاريخ مزاب ومحنة الجزائر تحت الاستعمار. من أبرز أعماله:

  • ديوان أبي الحسن علي بن صالح (مطبوع)

  • ديوان المآسي وأين الآسى (مطبوع)

  • ديوان شاعر ثائر (لم يُطبع خلال حياته)

  • كما ترك مذكرات شخصية، رسائل، ومجموعة من القصائد غير المنشورة.

توجهه الفكري:

ينتمي علي بن صالح إلى المدرسة الإباضية الحديثة التي دعت إلى تجديد الفكر الإباضي، والانفتاح على أساليب الاجتهاد والبحث العلمي، بعيدًا عن الجمود التقليدي الذي كان سائداً في بعض المدارس القديمة، مما جعله صوتًا فكريًا إصلاحيًا داخل المنظومة الدينية الإباضية.

وفاة مؤسس الدولة المرينية عبدالحق الأول

حدث في مثل هذا اليوم 1 سبتمبر 1217، توفي عبدالحق الأول، المؤسس الفعلي لدولة بني مرين (آت مارين)، وهو أحد أعظم الشخصيات الأمازيغية التي صنعت ملاحم الاستقرار والعدالة في تاريخ شمال إفريقيا.

وُلد عبدالحق سنة 1147 في نواحي گرسيف شمال المغرب اليوم، وكان اسمه الكامل عبدالحق ميس محيو ميس حمّا ميس وزريس ميس فجوس مي جرماط ن آت مارين. ينحدر من أسرة أمازيغية عريقة، وكان جده زعيمًا مهابا تجمع حوله العديد من القبائل الأمازيغية، ما جعلهم يشكّلون قوة ضاغطة على دولة الموحدين في أواخر عهدها.

تأسيس الدولة المرينية:

يُعتبر عبدالحق الأول المؤسس الحقيقي لدولة بني مرين، الدولة التي تميزت عن غيرها من الدول التي سبقتها في المنطقة، كالدولة المرابطية والموحدية، بعدم تبنيها أي شعار ديني متشدد، بل قامت على أسس مدنية وقبلية عادلة، جعلت من العدل والاتحاد بين القبائل مبادئها الراسخة.

خصائص الدولة المرينية:

  • امتدت دولتهم من مصراتة شرقًا إلى تخوم الأندلس شمالًا وبلاد موريتانيا جنوبًا.

  • ضمنت الحريات الدينية، حيث نعم اليهود والمسلمون بالعدل في ظل الدولة.

  • عُرفت بفترة من الازدهار الاقتصادي والثقافي والعمراني، وتم خلالها:

    • تحسين الطرق التجارية وتأمينها.

    • بناء الحصون والقناطر.

    • إقامة نظام للبريد.

    • العناية بالصحة والتعليم.

    • تأسيس المدارس وتوسيع القائم منها.

    • تشجيع العلوم والفنون، مع كبح جماح التعصب الديني والمذهبي.

إشادة المؤرخين:

  • تحدث عنهم ابن خلدون بإسهاب، حيث عاش فترة من حياته في كنف هذه الدولة.

  • امتدحهم أيضًا كل من ابن الخطيب وابن بُنا المراكشي، واعتبروا دولتهم استمرارًا لروح الأندلس، ووصفوها بأنها وريثة “النعيم المفقود” بلا منازع.

نهاية مأساوية:

رغم حنكته السياسية وإيمانه بالتعايش، قُتل عبدالحق الأول غدرًا على يد عرب رياح الذين كان قد ضمهم لحكمه، وقرّبهم ورفع من شأنهم. وقعت الحادثة في وادي سبو قرب تافرطاست، لتطوى صفحة مؤسس إحدى أعظم دول المغرب الكبير وأكثرها عدلًا واستقرارًا.

إن ذكرى وفاة عبدالحق الأول هي مناسبة لاستحضار قيم العدل، والوحدة، والنهضة الأمازيغية التي كانت في جوهر مشروعه السياسي، ولتذكّر دور الأمازيغ في بناء حضارات مغاربية لم تُؤسس على القمع أو الشعار الديني، بل على الوعي السياسي والانتماء للأرض.