حدث في مثل هذا اليوم 5 مارس 1951، وُلد الفنان والشاعر والسياسي فرحات مهني في مارغاسن قرب عزازقة، ليصبح لاحقًا أحد أبرز رموز النضال الأمازيغي في العصر الحديث. منذ طفولته، أظهر شغفًا كبيرًا بالتعليم رغم المشقة التي كان يواجهها في التنقل لمسافات طويلة نحو مدرسته في تابودا، التي كانت تبعد ثمانية كيلومترات عن منزله. نظرًا لكون والده أحد شهداء الثورة الجزائرية، التحق بمدرسة أبناء الشهداء في شاتوناف، ومنها إلى أربعة ن إراثن، حيث بدأت تتبلور ملامح موهبته الموسيقية وميوله نحو الغناء الملتزم.
كان فرحات مهني فنانًا مبدعًا ومجددًا في الأغنية الأمازيغية، حيث غنى بمختلف التنوعات الأمازيغية، بما في ذلك الأغنية الليبية، وعَبَّر عن وحدة الأمة الأمازيغية في أعماله. استطاع من خلال أغانيه وأشعاره أن يوصل رسالة قوية عن الهوية والحرية، مما أكسبه قاعدة جماهيرية كبيرة داخل القبائل الكبرى وخارجها، وانتشر صوته إلى كل القارات تقريبًا.
يصفه رفاقه بأنه ثوري بالفطرة، حيث لم يكن يفوّت أي فرصة للمشاركة في ساحات الاحتجاج والمظاهرات، وخاصة خلال الربيع الأمازيغي عام 1980، حيث لعب دورًا رئيسيًا في قيادة الحراك. أنهى دراسته الجامعية في العلوم السياسية، وانضم لاحقًا إلى حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، حيث كان من أبرز القياديين.
تعرض فرحات مهني للاعتقال عدة مرات من قبل النظام الجزائري، وواجه خلالها أنواعًا مختلفة من التعذيب، لكنه ظل ثابتًا على مواقفه. بعد أحداث 2001، ابتعد عن الإنتاج الموسيقي وأسس الحركة من أجل الاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل، التي أصبحت من أهم الحركات الأمازيغية السياسية، حيث توسع نفوذها وأصبح لها تأثير كبير في المشهد السياسي الأمازيغي.
من المحطات الأكثر ألمًا في حياة فرحات مهني كانت اغتيال ابنه، وهو الحدث الذي ترك أثرًا عميقًا في مسيرته، مما عزز من مواقفه السياسية وجعله أكثر إصرارًا على النضال من أجل تحقيق مشروعه السياسي.
رغم أنه يعيش في المنفى منذ سنوات، إلا أنه رفض أخذ الجنسية الفرنسية رغم تخليه طوعًا عن الجنسية الجزائرية. يعيش حاليًا بجواز سفر لاجئ، وهو ما يعكس التزامه بمبادئه ورفضه الانتماء لأي دولة لا تعترف بحقوق شعبه الأمازيغي.
حُظيت حياته النضالية بالعديد من الدراسات والمؤلفات، ومن بينها كتاب الصحفي شرف مخلوف الذي جمع فيه أشعاره، بالإضافة إلى دراسات عن المسألة القبائلية. وبالرغم من تركه للمجال الموسيقي، إلا أن بصمته في الأغنية الأمازيغية لا تزال قوية، خاصة بسبب كاريزمته الجذابة وأسلوبه الراقي، الذي جعله شخصية محترمة ومؤثرة في الأوساط الثقافية والسياسية الأمازيغية والعالمية.
لا يمكن إنكار الحضور القوي لـفرحات مهني وحركته السياسية اليوم، حيث استطاع أن يخلق مشروعًا سياسيًا أصبح جزءًا أساسيًا من النقاش حول مستقبل منطقة القبائل والهوية الأمازيغية في شمال إفريقيا.