حدث في مثل هذا اليوم 8 مارس 1988، تم الإفراج عن معتقلي الرأي الأمازيغ في ليبيا، فيما أصبح يُعرف لاحقًا بـ**”أصبح الصبح”**، في إشارة إلى الأغنية التي غُنّيت بهذه المناسبة. جاء هذا الإفراج متأخرًا خمسة أيام بعد الإفراج عن بقية سجناء الرأي الليبيين في 3 مارس، فيما تأخر بعض المعتقلين الأمازيغ أكثر من ذلك، مثل علي الشروي بن طالب وسالم مادي، اللذين بقيا قيد الاعتقال لمدة شهر إضافي.
تأسيس رابطة شمال إفريقيا والملاحقات الأمنية
في أواخر السبعينيات، وبالتحديد في 17 يونيو 1978، أسّس مجموعة من النشطاء الأمازيغ تنظيمًا سريًا تحت اسم “رابطة شمال إفريقيا”، بهدف إحياء الهوية الأمازيغية في ليبيا. كان تأسيس أي تنظيم سياسي أو ثقافي في ظل نظام معمر القذافي أمرًا محظورًا تمامًا، حيث كانت الأحزاب والجمعيات والنقابات ممنوعة، وكان أي نشاط غير عربي أو معارض يُعتبر تهديدًا للنظام.
تولى قيادة الرابطة:
- علي الشروي بن طالب
- سالم مادي
- الشارف الهمالي
- ساسي خليفة ساسي
- عمر سعيد الشماخي
وانضم إليهم لاحقًا:
- سالم زنبيل
- أحمد محرز
- عيسى بودية
- أحمد الطيب
- سالم القلعاوي
- محمد معيوف
- أمحمد الحمراني
- يوسف حفيانة
- ميلود مادي
- عيسى خليفة الختالي
- الهادي الهنشير
- خالد فطيس
- سليمان مادي وغيرهم.
الاعتقال والملاحقة الأمنية (1980)
لم يتم اعتقال أفراد الرابطة فور تأسيسها، بل جاءت حملة الاعتقالات الكبرى في أواخر مارس 1980. ورغم أن الاعتقالات لم تشمل جميع الأعضاء في يوم واحد، إلا أنها كانت متواصلة ومتتالية، حتى تم اعتقال معظم النشطاء خلال تلك الفترة.
الوعي السياسي والثقافي داخل السجون
- لم تُتح لأفراد الرابطة فرصة تطوير أدبياتهم ومنشوراتهم بشكل موسع، حيث كان النشاط سياسيًا بالدرجة الأولى، وكانت الظروف القمعية تحول دون التوسع في العمل الثقافي.
- كان الوعي الثقافي عند أغلبهم ضعيفًا في البداية لأسباب موضوعية، لكنه تطور لاحقًا، خاصة بعد سنوات الاعتقال والاحتكاك بتيارات فكرية مختلفة داخل السجون.
- بعض أفراد الرابطة كانوا على دراية بالثقافة الأمازيغية والمذهب الإباضي، ما ساهم في نشر الوعي الأمازيغي بين المعتقلين.
الإفراج بعد سنوات من القمع
- بعد ثماني سنوات من الاعتقال والتنكيل، تم الإفراج عنهم يوم 8 مارس 1988، في حين تم تأخير الإفراج عن البعض، مثل علي الشروي بن طالب وسالم مادي، لشهر إضافي.
- اعتُبر الإفراج عنهم لحظة رمزية في تاريخ الحركة الأمازيغية في ليبيا، حيث لم يكن الأمازيغ وحدهم في السجون، بل كانت القضية جزءًا من نضال سياسي شامل في ليبيا ضد الديكتاتورية.
قراءة في تأثير الرابطة
- رغم القمع الذي تعرضت له، كانت رابطة شمال إفريقيا أول محاولة منظمة في ليبيا لخلق حركة أمازيغية سرية، ما مهد لاحقًا لظهور نشاط أمازيغي أكثر وعيًا بعد سقوط القذافي.
- شكلت تجربة السجن منعطفًا هامًا في حياة المعتقلين، حيث خرج العديد منهم بمستوى ثقافي وسياسي أكثر تطورًا، بعد الاحتكاك بالمعتقلين من باقي التيارات الليبية.
إرث المعتقلين الأمازيغ بعد الإفراج
سيظل 8 مارس 1988 ذكرى فارقة في نضال الأمازيغ الليبيين، ليس فقط لأنه يوم الإفراج عن مجموعة من المناضلين، ولكن لأنه كان بداية لمرحلة جديدة من الوعي الأمازيغي، والتي ستتطور لاحقًا، خاصة بعد ثورة 17 فبراير 2011.
سنعود للحديث عن رابطة شمال إفريقيا بإسهاب في مناسبات أخرى، خاصة حول ظروف الاعتقال والتعذيب داخل السجون، وتأثير هذه التجربة على مسار الحركة الأمازيغية في ليبيا.